-A +A
عبدالعزيز النهاري
بدأت العديد من الهيئات الحكومية تطبيق قرارات مجلس الوزراء بتحويل موظفيها من نظام الخدمة المدنية إلى نظام العمل، وبالتالي دخولهم في نظام التأمينات الاجتماعية؛ بمعنى أن عشرات أو مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين سيتحولون للعمل بعقود سنوية، تماما كموظفي القطاع الخاص من شركات ومؤسسات، وستنطبق عليهم لا محالة أحكام نظام العمل بما فيه المادة 77، وهي المادة التي تجعل رب العمل والمدير ورئيس القسم والمشرف «فرعونا» متسلطا، ومتسلحا بالنظام في بقاء الموظف أو نقله أو إنهاء علاقته بالشركة في القطاع الخاص أو الهيئة في القطاع الحكومي. كما أن الموظف الحكومي المتحول من نظام الخدمة المدنية إلى نظام العمل، سيكون تحت رحمة الميزانية، وضغط المصروفات، إلى جانب مزاجية الرؤساء ونفسياتهم و«ديكتاتوريتهم» وتسلطهم، وهو ما كانوا يفتقدونه في نظام الخدمة المدنية الذي كان يحفظ للموظف حقوقه كاملة، ويجعله بمنأى عن تقلبات رؤسائه الذين لا يملكون أكثر من تغيير مسؤولياته وتحويله في حالة الغضب، إلى «مستشار» ليس له عمل أكثر من قراءة الصحف يوميا، وحل الكلمات المتقاطعة فيها أو قضاء الدوام كاملا مع هاتفه النقال، أو مع شاشة جهاز الكمبيوتر لو كان متاحا له، مع تمديد فترة الوضوء والصلاة وقراءة القرآن في مصلى الدائرة التي يعمل فيها.

الكل حقيقة مع تقنين وتنظيم العمل، والكل مع احترام المسؤولية وأدائها على الوجه المطلوب، ومع الثواب والعقاب، وإيقاف الهدر في ساعات العمل ومقدرات الهيئات جميعها، لكنه ومع كل ذلك لابد من حفظ حقوق الموظف «المواطن» وعدم التنكر لسنوات خدمته في الهيئة تحت مظلة الخدمة المدنية، وعدم استخدام نظام العمل في التخلص منه لأي سبب كان، أو العمل على «تطفيشه» وتضييق الخناق «التعاملي» عليه، وعلى أصحاب القرار العمل على تأمين وضمان المستقبل الوظيفي لكل المواطنين الذين سيتحولون إلى نظام العمل وضمان حقوقهم كاملة بما فيها حق التظلم والبت السريع في شكاواهم لأنهم «مواطنون» أولا وأخيرا، وبالطبع فإن ذلك لا يعني تحويل الأعمال إلى «تكية» أو «مقهى» يتم فيه ضمان الاستقرار الوظيفي للمهملين والكسالى وغير المبالين، وغير المنتجين. بقى أن أذكر بأنني أتمنى وأرجو أن تمر سنة العقد بسلام وهدوء لكل موظف انتقل إلى نظام العمل، وأن لا تزيد نسبة البطالة بعد عام من عقود الهيئات مع موظفيها.