-A +A
عزيزة المانع
من ينظر إلى ما يطوق كثيرا من الأطفال العرب الذين ابتليت بلدانهم بالصراعات الداخلية والقتال والدمار كما هو حال أطفال العراق وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين، يصاب بالحسرة لما ينتظر هؤلاء الأطفال من مستقبل مظلم بالبؤس.

الأطفال الغارقون في الفقر والجهل والتشرد، تفترس أجسادهم الصغيرة الأمراض وسوء التغذية، ويتعرضون لأشكال من العنف والاستغلال والعمالة وغيرها من صنوف الأذى، هل ثمة مستقبل مضيء يمكن أن يشرق على من كان مثلهم؟! وأي مستقبل يمكن لمثل هؤلاء الأطفال أن يبنوه لأوطانهم؟


كم من المواهب تضيع وتتبدد وتحرق في مهدها بسبب الحرمان من التعليم والإهمال والتشرد والضياع! كم من الانحرافات السلوكية والجرائم الأخلاقية التي ستنمو معهم لتصير خناجر تنغرز في جسد المستقبل! كم من الأطفال سيموتون وهم ما زالوا في براعمهم بسبب سوء التغذية وانتشار الأوبئة وتفشي المرض!

هؤلاء الأطفال العرب ليسوا الوحيدين في معاناتهم، هناك دول أخرى غير الدول العربية تعرضت شعوبها لأذى النزاعات والحروب، وأصاب أطفالها ما أصاب أطفال العرب من التشرد وشظف العيش وبؤس الحياة وظلمها.

ومن أجل أطفال العالم كلهم، الذين كان قدرهم الحرمان من كثير من الحقوق الأساسية للطفل، عمدت منظمة اليونسيف وهي إحدى منظمات الأمم المتحدة المعنية بالطفولة في العالم، إلى تخصيص يوم العشرين من شهر نوفمبر من كل عام، للتذكير بالأطفال المعوزين والمحرومين، أطلقت عليه (اليوم العالمي للطفل) على أمل أن تقوم وسائل الإعلام والسياسة والرياضة والترفيه والفن وغيرها من المؤسسات المعنية، باستغلال هذا اليوم في لفت أنظار العالم إلى معاناة الأطفال في جميع المناطق المنكوبة بالحروب والصراعات والكوارث الطبيعية، فتعمل على مؤازرتهم وخدمة مصالحهم وحفظ حقوقهم في الصحة والتعلم والحياة الكريمة الآمنة.

يوم الإثنين الماضي كان موعدا ليوم الطفل العالمي، احتفلت به الدول كل وفق ما ترى، وكم تمنيت لو أننا احتفلنا بهذا اليوم بطريقة أكثر إيجابية وأكثر نفعا للأطفال من مجرد عقد الندوات ورفع الشعارات، كتوظيفه في إطلاق حملة لحث الأثرياء المقتدرين على التبرع لإقامة أوقاف للإنفاق منها على تعليم وعلاج ورعاية آلاف الأطفال المشردين، الذين هم في أشد الحاجة إلى إقامة مستشفى أو مدرسة في مناطقهم ومخيماتهم، التي يكاد يكون بعضها معامل تفريخ للجرائم والمخدرات والأمراض والإعاقات.

إن هؤلاء الأطفال جديرون بأن نحتفل بهم في هذا اليوم بإضاءة شمعة في ظلام أيامهم، كي يكبروا ليكونوا أقمارا تشع على وطنهم العربي بالخير والعزة.

azman3075@gmail.com