-A +A
هيلة المشوح
طالعتنا صحيفة لبنانية يوم الخميس الماضي بمانشيت كبير على صفحتها الأولى (ماذا تكون دولة الجِمال والخيم لولا نفطها)، وللأمانة فإن أول شيء قمت به هو البحث عن هذه الصحيفة، فلم أجد سوى نصف سطر كتعريف بها وتاريخها ونشأتها في ويكيبيديا!

ما علينا.. الذي سأركز عليه هنا ليس تاريخ وشعبية الصحيفة بل مدى شعبية هذا الرأي وتداوله في الشارع اللبناني، وأعني الرأي النابع من الدونية لكل شيء سعودي البدوي راكب الجمل وساكن الخيم، وتبين أنه فعلاً يمثل رأي أغلبية دأبت على (النفخة الكذابة) والهرطقات وصناعة الأكشن والثرثرات الفارغة كحدوتة (احتجاز الحريري) وأنت نازل!


شاهدنا جميعاً فيلم (احتجاز الحريري) على أرض الواقع بسيناريو لبناني وأداء الشعب اللبناني وحكومته وإعلامه الذي كذب كذبة وصدقها وردح عليها حتى استفاق على الحريري نفسه يصافح الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه في باريس، وأسدل الستار وانتهى العرض الهزيل بعد نهاية محبطة لهم، وأقول محبطة جازمة أن أمن الحريري لم يكن ذا أهمية مقابل أهمية إدانة دولة الجمال والخيم، فمن المشاهد المضحكة في هذا الفيلم مشهد تجمع الصحفيين في مطار بيروت، انتظاراً للإعلامية التي عملت اللقاء مع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري والهجوم عليها بالأسئلة المستنطقة لها، على أمل تفجير حقيقة الاختطاف، حقاً كم يهدر هذا الشعب وقته في صناعة (الطهبلة) تاركاً خلفه كوارث سياسية في بلد على وشك الانفجار، ورغم أن هذا الشعب يعيش على فوهة بركان يصطلي بنار المؤامرات الإيرانية بذراعه العسكرية حزب الله، تركوا كل ذلك وانصرفوا إلى فيلم الحريري الذي احتجزته دولة الخيام والجمال، حتى بات المشهد السياسي اللبناني في حالة تستدعي تخليص «لبنان» من «دولة حزب الله» الخمينية، وواقع يدفعنا أن ننتشل بلد دعمناه بالمليارات لتعود إلينا على شكل صواريخ تتفجر في أحيائنا!

نعم دولتنا دولة الجمال والأصالة التي (لمت) كل عربي يبحث عن لقمته بكرم وأمان ودون منة، نعم دولتنا التي بدأت «بالخيام» ووصلت لناطحات السحاب والمدن الصناعية والسياحية ومكونات اجتماعية بانتماءات وطنية، في حين غيرها يطحن بعضه البعض بين حجري رحى الحروب الأهلية، وأعظم إنجازاته مليشيات تطحن بعضها البعض ومراقص الهشتك بشتك، أما حضارتنا التي يدعون بأنهم صنعوها فالحضارة لا يصنعها بائعو العطور والمكياج ومصففو الشعر وجرسونات المطاعم، بل تصنعها سواعد أبنائها السمراء!

hailahabdulah20@