-A +A
حمود أبو طالب
لو أردنا حصر أنواع وأشكال الفساد فإن القائمة ستطول كثيرا وربما لا نستطيع إتمام المهمة بنجاح لأن الفساد يتوالد بطبعات ونسخ جديدة مع الوقت، مثل الجراثيم التي تتحور جيناتها فتصبح أكثر ضررا أو الخلايا السرطانية التي تعتريها طفرات بيولوجية فتصبح أكثر فتكاً. ولكن مع ذلك لا بد من التعريج على بعض أشكال الفساد النابعة من خصوصيتنا والظاهرة بوضوح والتي استمرت إلى الآن دون بوادر لتصحيحها رغم ضررها الكبير وإساءتها للدولة ممثلة في معظم مرافقها.

ماذا أيها السيدات والسادة أن تسمح الجهات المختصة بالعمران وإنشاء أحياء جديدة تتوسع بسرعة دون اهتمام بوجود الخدمات الأساسية فيها قبل أو أثناء أو حتى بعد الإنشاء؟؟ ماذا تسمون هذا النوع من الفساد؟ وما هي أسبابه وحيثياته؟ كل مدن المملكة تعاني من هذه المشكلة، وسأضرب لكم مثالا صارخا في سوئه يعرفه الجميع في مدينة جدة، ثاني أكبر مدن المملكة التي يجب أن يعرف كل مسؤول ما يحدث فيها.


أحد الأحياء الجديدة نشأ قبل سنوات طويلة في موقع أصبح إستراتيجيا شمال جدة عندما أصبح محاطاً باستاد الملك عبدالله والمطار الجديد والمبنى الحديث لمستشفى الملك فيصل التخصصي وجامعة جدة ومسار قطار الحرمين وغيرها من المرافق الضخمة، هذا الحي الجميل عمرانه، والذي اتسع بشكل كبير جداً وافتتحت فيه الشركات والمؤسسات والأسواق التجارية، ما زال إلى الآن يعاني أسوأ الأوضاع لهذه الأسباب:

لا مدارس حكومية.. لا مرافق صحية يمثلها لو مركز رعاية أولية.. لا وجود لإشارة مرور واحدة.. لا مركز للشرطة.. غياب تام لفروع الإدارات الخدمية (المفارقة وجود كتابة عدل!!).. شوارع واسعة طويلة عريضة لكنها بلا أرصفة ومليئة بالتراب ومخلفات البناء.. لا شبكة للصرف الصحي.. لا.. لا.. لا.. لا شيء.. والحال على ما هو عليه لسنوات طويلة.. فتخيلوا هذا الوضع يا رعاكم الله!!.

كيف سُمح لهذا الوضع أن ينشأ؟ وكيف سُمح له أن يستمر؟ وكيف لم يتم تصحيحه إلى الآن؟.. من يجيبنا؟؟

habutalib@hotmail.com