-A +A
عبدالله صادق دحلان
قرار قيادة المرأة السيارة في السعودية كان قرارا تاريخيا له أبعاد عديدة منها البعد الاجتماعي والاقتصادي، والجميع أو الأغلبية من المواطنين والمقيمين كانوا مع القرار وأنا أحدهم، وكان الجميع في انتظار هذا القرار الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله والذي كانت له ردة فعل إيجابية محلية وعالمية، ورغم أن القرار يتعلق بالمرأة في المجتمع السعودي، إلا أن بعده الاقتصادي كان أكبر على قطاعات الأعمال، سواء مقدمي الخدمة أو تجار السيارات وقطع الغيار والخدمات المساندة أو مدارس تعليم قيادة السيارات، وبناء على هذا القرار بدأ القطاع الخاص استعداداته منذ أن كان هذا الخبر إشاعة حتى أصبح حقيقة أعلن عنه.

أما العائد الاقتصادي على أسواق المملكة فأثره الاقتصادي يظهر على حركة الأسواق بعد توطين آلاف الملايين التي كانت تدفع لاستقدام وتشغيل السائقين الأجانب، وكذلك ستظهر عوائد الخدمات المقدمة لقيادة المرأة السيارة وهي كبيرة جدا، ويأتي في مقدمتها خدمة تعليم المرأة قيادة السيارات والمستهدف فيها قد يتجاوز مليوني امرأة في المرحلة الأولى، وهو رقم كبير جدا لا يمكن للمدارس الحالية التقليدية أن تواجه هذا الطلب الكبير؛ إذ لا يصل عددها المئة مدرسة في جميع أنحاء المملكة، وهي مخصصة للرجال، ولتحويلها لتعليم النساء تحتاج إلى تقسيم ساعات العمل وإعادة هيكلتها لتتناسب مع تعليم المرأة، وهذا ما دفع بعض الأذكياء من رجال الأعمال في داخل المملكة وخارجها إلى تقديم الخدمة مبدئيا خارج المملكة، وبدأت الإعلانات التي تستقطب الراغبات لتعلم قيادة السيارات في بعض الدول المجاورة مع ضمان الحصول على رخص قيادة السيارات، إضافة إلى برامج للرحلات السياحية بإتاحة فرصة التعلم لقيادة السيارة خلال أسبوع، وبدأ البعض الآخر من سيدات الأعمال التنفيذ الفعلي من خلال التدريب الشخصي في بعض الممتلكات الخاصة بصفة غير رسمية.


وينتظر العديد من رجال وسيدات الأعمال القرار الرسمي المنظم لإنشاء مدارس تعليم المرأة قيادة السيارة، ومنح الرخص الرسمية للمدارس والمدربات المتخصصات من السيدات اللاتي بإمكانهن التدريب الرسمي ومنح شهادات التدريب المؤهلة لدخول امتحان قيادة السيارات والحصول على رخص رسمية.

وحيث إن تعليم القيادة جزءان، الأول نظري ويدخل في إطاره الجزء الخاص بالأنظمة والقوانين المنظمة لعملية القيادة، والثاني تدريب عملي وهو القيادة الفعلية، ونظرا لكبر حجم الأعداد الراغبة في تعلم القيادة في جميع الأعمار من السيدات، فإنني أقترح أن يوكل للجامعات الحكومية والأهلية مهمة تعليم قيادة السيارات لطالبات الجامعات داخل الحرم الجامعي، على أن يتم تأهيل مدربات متخصصات لتعليم القيادة وذلك برسوم عادلة لتعليم القيادة نظريا وعمليا، ولاسيما أن الإمكانات المتاحة للتعليم النظري متوفرة والساحات لتعليم القيادة عمليا أيضا متوفرة في معظم الجامعات الجديدة والقديمة، ويدخل ضمن الجامعات الطالبات وأعضاء هيئة التدريس والموظفات، ولا مانع في مرحلة أخرى أن يضاف ذوو الطالبات وأعضاء هيئة التدريس والموظفات من الأمهات والأخوات والاقرباء، وحيث إن الجامعات الحكومية تسير نحو الخصخصة فإن مدارس تعليم قيادة السيارة للمرأة السعودية قد تكون البداية من الجامعات الحكومية والأهلية، مع إصدار نظام يتيح لها تقديم الخدمات بمقابل حسب الأنظمة والقوانين المنظمة.

إن فكرة الترخيص للجامعات والمؤسسات التعليمية الموازية لتعليم قيادة السيارات للمرأة قد يكون هو الأنسب والأكثر حفاظا على خصوصية التعلم للمرأة، والخوف أو المحاذير التي يضعها البعض على جودة تعليم قيادة المرأة السيارة من قبل الجامعات فهو أمر مردود على أصحابه؛ لأن مدارس تعليم القيادة في المملكة بدأها رجال أعمال لا خبرة لهم واستقدموا الخبرات وأنشأوا المدارس حتى أصبح بعضها حكرا عليها داخل المدن الكبيرة لفترة طويلة من الزمن، ولهذا فإن الاستعداد مبكرا بالترخيص للجامعات والكليات الجامعية وكليات البنات التقنية سيعطيها الفرصة للاستعداد المبكر والتنظيم والتجهيز، وإذا كانت الجامعات غير مستعدة بالإمكانات الفنية والتقنية فبإمكانها الاستعانة بخبرات تدريبية مؤقتة حتى بناء الخبرة في هذا المجال.

إن قرار الموافقة للمرأة بقيادة السيارة في السعودية سوف يتيح فرص عمل كبيرة للمرأة السعودية وسيوفر فرصا استثمارية كبيرة تحتاج إلى تأهيل مبكر، وأجزم أن لهذا القرار بعدا اقتصاديا كبيرا سوف يساهم في رفع نسب الناتج المحلي.

آمل من أخي معالي وزير التعليم أن يتبنى هذا الاقتراح وتعميمه على جميع الجامعات السعودية والتنسيق مع الجهات الحكومية لإصدار التراخيص اللازمة.

* كاتب اقتصادي سعودي