عبدالله السويد
عبدالله السويد
نظام مجلس التعليم العالي والجامعات.
نظام مجلس التعليم العالي والجامعات.
-A +A
د. عبدالله السويد *
طرحت وزارة التعليم مسودة جديدة لنظام التعليم العالي في السعودية، تهدف لإعطاء استقلالية أكبر للجامعات من النواحي الإدارية والمالية والعلمية، فاقترحت إنشاء مجلس أمناء للجامعة، وفي خطوة للتقليل من السلطة المطلقة لمديري الجامعات في إدارة شؤون الجامعة، يوصي ألّا يكون مدير الجامعة رئيسا لمجلس الأمناء، وتصف المسودة، مجلس الأمناء بأنه المرجعية التشريعية والرقابية العليا لقرارات وأداء مجلس الجامعة التنفيذي، ومن هذا المنطلق فإن نجاح أو فشل الجامعات في الالتزام بالقرارات والسياسات العامة لمجلس شؤون الجامعات، سيعتمد بشكلٍ كبير على تفعيل دور مجلس الأمناء، وقيامهم بالمهام المناطة بهم على الوجه الأكمل، والمتمعن بدقة في النظام المقترح، يدرك أن ما جاء في المسودة ليس إلا إعادة هيكلة، وموازنة لمراكز القوى، وقد يكون عقبةً بيروقراطية جديدة، إذا لم تُهيَّأ له إدارة واعية تديره بالشكل الصحيح، ومما لا شك فيه أنّ إدارة الجامعة تختلف عن إدارة غيرها من المؤسسات؛ لوجود عددٍ كبيرٍ من أصحاب التعليم العالي تحت سقفٍ واحد، ولا يمكن إدارتها بعقلية إدارة خطوط الإنتاج في المصانع والشركات، أو المؤسسات الحكومية.

ويلاحظ أن من صاغ المسودة أغفل دور أعضاء هيئة التدريس (غير المنخرطين في العمل الإداري) في اتخاذ القرارات أو تقييمها، حيث لا يملكون أي وسيلة لإيصال صوتهم فيما يخص سياسة الجامعة، سواء من خلال اختيار ممثليهم في مجلس الأمناء، أو التصويت على بعض قراراته، أو على الأقل في اختيار ممثليهم من عمداء، أو رؤساء الأقسام -كما هو متعارف عليه أكاديمياً في كثير من الجامعات العالمية-.


في المقترح الجديد صُنفت الجامعات بحسب برامجها ومخرجاتها إلى بحثية وتعليمية وتطبيقية، في وضع الجامعات الحالي لا توجد جامعة يمكن تصنيفها بأنها بحثية، فشلنا في إيجاد جامعات بحثية هو فشل نظام لا أفراد، أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية هم من المتميزين، ويسهمون في الإنتاج العلمي خلال ابتعاثهم، أو في حال تفريغهم لرحلة علمية خارجية، لكن ما إن يعودوا لجامعاتهم المحلية يفشل الكثير منهم في العطاء البحثي، وفي حال عدم إصلاحٍ حقيقي لمنظومة البحث العلمي فستتأرجح جامعاتنا بين كونها تطبيقية وتعليمية، مع محاولات بحثية خجولة!.

تعوِّل المسودة على قدرة الجامعات على الاستقلال المالي، سواء كاملا أو جزئيا، الطاقم الإداري الحالي للجامعات اعتاد على صرف وإعادة توزيع ما يُعتمد له من ميزانية سنوية، ولا أعتقد أن ثلاثة من رجال الأعمال المهتمين بالتعليم الجامعي الأهلي في مجلس الأمناء، قادرون على إحداث نقلة نوعية سريعة؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والتعليم الجامعي الأهلي يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الدعم الحكومي، ولتحقيق النجاح في هذا الجانب؛ من المهم استحداث وحدة توليد لإيرادات الجامعة، يقوم عليها محترفون متخصصون في الإدارة خصوصًا، في ظل صعوبة تحصيل رسومٍ دراسية، وفشل الجامعات في تعزيز الشعور العام بالانتماء لطلابها؛ ما يضمن عودة بعض الخريجين المقتدرين ماليا لدعم جامعاتهم.

وإذا اعتُمدت اللائحة حسب ما عُرض في المسودة المقترحة، فإن احتمال فشل عملية التجديد وارد، ما لم تتم موازنة صناعة القرار وتطبيقه بين المجالس الثلاثة، حيث إنها لائحة عامة، وإقرارها يستلزم إنشاء وصياغة لوائح تنفيذية داخلية.

* أستاذ الطب المساعد ـ جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل في الدمام

abdullah.alswied@gmail.com