-A +A
نوف بنت عبدالله الحسين NoufAbdullah89@
تتبادر إلى ذهني صورة جميلة عن المعلم النجم، الشامل من كل الجوانب، تربوياً، مهاريّاً، فنيًّا، سلوكيّاً ونفسيَّا، من يمتلك القلوب قبل العقول، ويرتقي بطلابه بعيداً نحو الأفق، تلك الصورة المثالية التي تكاد تصبح أسطورة، في طريقها للأفول، لماذا يا ترى؟! لصناعة المعلم النجم، لابد من توفير كل الإمكانيّات التي تدعمه، أن نخفف أسلوب الوصاية عليه، ونعطيه المجال الأكبر في الإبداع والتنوير والتطوير، أن نجعله يخوض تجارب ممتعة ومنوّعة في مجالات مختلفة، أن ندعم أفكاره، نوجهه لتجارب فكرية على مستوى العالم، أن نبرز إمكانيّاته ونؤهله لما هو أكبر وأعم وأقوى، أن نجعله يشارك في بناء المقررات التي تلائم طلابه، وأن يشارك في صياغة المناهج الحياتية التي تدعم الطالب في مستقبله وحياته بشكل عام.

ما يحدث في الحقيقة، هو أن المعلم عبارة عن موصّل للرسالة المعلوماتية، التي يتلقاها من المقرر الذي أقرته الوزارة، ورأت أنه يصلح لكل العقول والفئات، ثم يستخدم الاستراتيجية التي فرضت عليه في تطبيقها، بحكم استخدام إستراتيجيات تعليمة فرضتها الوزارة لتدعم العملية التعليمية، بعد أن يخضع لدورات تدريبية بصورة روتينية مملة، فيحضرها مجبراً لا رغبة، ثم يعود مثقلاً باستخدام الاستراتيجية لتطبيق المنهج المفروض، ثم ننتظر النتائج، التي حتماً ستكون غير مرضية.


كيف بعد ذلك نصنع المعلم النجم؟ ولماذا لا يكون جميع معلمينا نجوما؟ لماذا نخضعهم لجائزة التميز في التعليم بدل أن نؤهلهم لذلك؟ لست ضد ما يحفز على تقديم الأفضل، ولست ضد تكريم الأفضل، لكني أتألم من الواقع، أتألم من حقيقة ما يحدث في الكواليس التعليمية، عندما لا تكون البيئة المحاطة داعمة لصناعة المعلم، والذي بدوره سيقدم ما يستطيع القيام به لكن بصورة غير المتوقع منه.

ننبهر كثيراً من المعلمين المتفانين في الخارج، وكيف أنه يصعد بالطالب إلى أفق أعلى، ونتجاهل كل الأمور التي تجعله يكون بهذه الروح وهذا العطاء.

إذا تهيأ للمعلم فرصاً للإبداع، سيبقى قادراً للتنقل في فضاء أجمل، ليكون المعلم النجم ساطعاً في سماوات التعليم، ولن يبقى سوى النجوم، وما دونها سيختفي.