-A +A
حمود أبو طالب
من كان بلا قضية أو نكرة أو مغمورا ويريد أن يكون له حضور إعلامي كثيف خلال هذه الفترة فما عليه سوى اختيار المملكة موضوعاً رئيسيا ومحوريا تدور حوله بقية القضايا، ثم التواصل مع صنف من الفضائيات أو الصحف التي لا قضية لها سوى تزوير وتحريف أي معلومة متعلقة بالمملكة وتبني أي طرح يستهدفها، ليكون عندئذ ضيف الشرف البارز ودائم الحضور والمرجع الموثوق الذي يؤخذ عنه في شؤون المملكة حتى لو نطق بما هو أشد من الكفر بهتانا وزورا.

على مثل هذا الباحث عن الشهرة انطلاقا من مركب نقص أو شعور بالضآلة أو حقد دفين لأي سبب في نفسه، عليه أن يركز الحديث ويعيده ويكرره ويستميت في تأكيده كي يقول لمتابعيه إن كل ما تشاهدونه وتسمعون عنه في المملكة لا يعكس حقيقة ما يحدث، سواء في مكافحتها للإرهاب ومناهضتها للفكر المتطرف ومواجهتها لمؤامرات استهدافها من إيران وميليشياتها، أو قطر وعملائها ومرتزقتها، وعليكم ألا تصدقوا بسذاجة ما تدعيه من حرب على الفساد والفاسدين أياً كانوا، أو تبهركم مشاريعها الاقتصادية الضخمة التي تنطلق تباعا وتشارك فيها أكبر اقتصادات العالم، أو تنطلي عليكم مقولة أن اقتصادها يزداد قوة وتماسكا وأنها تعيد ترتيب أوراقها لتكون أقوى سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا. كل ذلك غير صحيح أيها المتابعون فهي في أزمة ومتورطة في أكثر من مشكلة داخلية وخارجية، وهناك اعتقالات وتصفيات وتكميم أفواه وحجر على الآراء ومداهمات عشوائية وتخبط في كل اتجاه.


عندما يقول محلل مثل هذا القول في قناة معروفة الأصل والمنشأ والولادة والتمويل والإشراف، وخصوصا إذا كان لهذا المحلل علاقة بالمملكة من خلال جواز سفر محسوب عليها فإنه حتما سيكون محللها المفضل الموثوق الذي لا يشق له غبار، وسيجد من يسوّق طرحه بكل صفاقة ووقاحة، حتى لو قال إن الشعب السعودي كله في المعتقلات.

نحن نتابع هذا الطرح ونتسلى به وعليه، ونتلفت كل يوم يمينا وشمالاً لنرى أي كاتب اختفى هذا الصباح، وأي صاحب رأي قُطع لسانه، وأي ضعف طرأ على أمننا أو اقتصادنا، وأي خلاف ظهر في مؤسسة الحكم ينبئ بانهيار الوطن، لكننا لا نرى سوى أمن واطمئنان بكل ما يحدث، وثقة متزايدة في كل إجراء تتخذه الدولة، والتحام أسطوري بينها وبين الشعب، وحرية يتصاعد منسوبها على كل الأصعدة، ونمو متزايد في كل المجالات، والتفاف وثيق حول الوطن لم يحدث من قبل.

الذي يريد تصوير المملكة أنها في حالة طوارئ نقول له نعم نحن في حالة طوارئ لاجتثاث مشاكلنا المتراكمة، وتنقية الوطن من كل الشوائب البشرية والمادية التي تحاول إعاقته، نحن في حالة طوارئ كي نسابق الزمن لنصنع وطنا أجمل وأقوى، فاستمروا أنتم في تحليلاتكم ونحن مستمرون في عملنا.

habutalib@hotmail.com