-A +A
عبده خال
حينما تم دمج وزارتي التعليم العام والتعليم العالي كان الاستهداف نبيلا، والآن وبعد مضي سنوات على هذا الدمج فإن المحصلة وبال على التعليم بشقيه العام والعالي...

وحين أقول وبال كون الإستراتيجية التي بنيت عليها فكرة الدمج هي تطوير التعليم بشقيه، وجعل مخرجات التعليم العام متناغمة مع التعليم الجامعي ودفع عملية التطوير بما يتلاءم مع احتياجات التنمية وترشيد الإنفاق وخلق إنسان متعلم يكون منتجا صالحا وفاعلا في القنوات التي تمثل فجوة وعجزا واحتياجا للكوادر البشرية.. ومع مرور الزمن ما زلنا (نطبش).. و(التطبيش) هذا ينبئ أن العملية التعليمية غرقت في اللامبالاة، حيث تحمل لنا الأخبار والتصريحات ما لا يستطيع دفع باب موارب فكيف الحال مع الأبواب الموصدة والأذهان المغلقة.. إن التنظير حلو المذاق إلا أن الواقع مر علقم.


لدينا آفات عديدة وبسبب هذه الآفات فإن أي أمل نزرعه في أمنياتنا المستقبلية لتطوير أي جانب خدمي أو تعليمي يتباطأ ويفقد البوصلة ولا يصل إلى تحقيق الأهداف المرجوة منه، وأهم مرضين مزمنين لم نستطع التخلص منهما على مدار تعدد وتنوع الخطط التي مرت بالبلد هما: البيروقراطية والمركزية، ومع وجود هاتين الآفتين لا يمكن لأي تطوير تحقيق منجز يذكر.. ولأن هاتين الآفتين إرث نتناقله كابرا عن كابر فسوف تضيع (الطاسة) حتما.

وعندما كانت كل وزارة مستقلة بذاتها كانت مخرجات التعليم العام (يا قلبي لا تحزن) وكانت مخرجات التعليم العالي (يا قلبي احزن) ومع دمجهما تشير التكهنات أن المخرجات ما هي إلا (احزن براحتك يا قلبي)..

تعالوا لنجلس ونحسبها (حسبة شيبان)، كم مدرسة في البلاد لنقل ما بين 45 - 55 ألف مدرسة، وكم معلم في البلاد (ولو كان في كل مدرسة كحد أدنى عشرة معلمين ومعلمات) ليكون تعداد المعلمين والمعلمات يفوق نصف مليون نفس..

بهذه الحسبة واشتراطات أن تكون مخرجات التعليم تقارع الدول (النصف نصف) فهذا يعني أننا بحاجة إلى وزراء وليس وزيرا واحدا، (فليس في صدره قلبان).. ولأن المركزية إرث قديم فسوف تصب مفاسد ومحاسن التعليم العام على رأس الوزير..

حسنا، وماذا عن التعليم الجامعي، تعالوا نجلس ونعيد (الحسبة)، كم جامعة حكومية في البلاد تصل إلى 28 جامعة، وماذا عن الجامعات الأهلية لنقل نفس العدد 28 جامعة أهلية، كم عدد الكليات في البلاد؟ كم عدد المعاهد؟ كم عدد الملحقيات السعودية التعليمية المنتشرة في كل البلدان؟

يكفي هذا، بالله عليكم هل هذا عدل بأن يدير كل هذه الأعداد والأحلام والأمنيات والتخصصات رجل واحد؟

أحلف سكان الدنيا مجتمعين، هل يستطيع وزير واحد تسيير كل هذا المستقبل؟ وتكون مخرجات وزارته قادرة على تجويد التعليم؟

أقول: والله لو استعان الوزير بالجن لما أنجز ربع المطلوب.. ولما أرسى إستراتيجية ناجحة.. ولما استطاع أن تكون مخرجات التعليم جيدة في حدها الأدنى.. ولما استطاع يرمش بعينيه..

يا جماعة كل الدول الباحثة عن التقدم واللحاق بالركب تكون الوصية الاهتمام بالتعليم، فهل هذه (الجهة) هي القادرة على تحسين التعليم تعليما جيدا.. أنا لا أشك بل أجزم أن التعليم بهذه الكيفية (السلطة)..

على فكرة أنا رجل قضيت في التعليم 26 عاما، وفي كل عام كانت المخرجات تسوء بسبب ما تنتهجه الوزارة من أفكار أبعد ما تكون عن الواقع.. وقد ساهمت في تقطيع الطماطم!