-A +A
هاني الظاهري
«ليس أجمل من أن تصحو على وطن شجاع».. استعار السعوديون صغارا وكبارا هذه العبارة من الأديب الروائي أحمد أبو دهمان حين استيقظوا من نومهم على أخبار أكبر حملة في تاريخ بلادهم للقضاء على الفساد بإرادة ملكية حازمة، أطاحت خلال ساعات قليلة بالرؤوس الكبيرة من المشتبه بهم، معلنة بكل وضوح أن المال العام الذي تم نهبه بعمليات فساد طوال عقود سيعود إلى خزينة الوطن غير منقوص.

ولأن ما يحدث في «السعودية العظمى» يهم كل اللاعبين الكبار في السياسة والاقتصاد على المستوى العالمي ما زالت وسائل الإعلام الدولية الأشهر في حالة ذهول وانبهار بما حدث، ويبدو أنها ستظل تناقش الأمر لأسابيع قادمة، خصوصا بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المشيدة بهذه الخطوات الجبارة في سبيل التحول السعودي الكبير، وإشارته إلى أن الموقوفين استنزفوا بلادهم لسنوات.


فتح ملف محاسبة الفاسدين على هذا المستوى غير المسبوق هو في حقيقته تأسيس جديد للدولة على أرضية صلبة وقواعد متينة من العدل والشفافية، وهي قواعد قادرة على حمل البلاد ونقلها نقلة نوعية باتجاه المستقبل.

يُنسب لمؤسس سنغافورة الحديثة وأول رئيس وزراء لها «لي كوان يو» مقولة عن أفضل الطرق لمكافحة الفساد تحولت إلى مضرب للمثل في بقاع العالم.. وهي: «محاربة الفساد مثل تنظيف الدرج، يبدأ من الأعلى نزولا إلى الأسفل»، وهذا ما يحدث في السعودية اليوم التي تحمل رؤية عظيمة وملهمة لمستقبلها بقيادة تاريخية تحولت إلى أيقونة عالمية للإصلاح والحزم، ومن تابع أصداء الحدث في الصحف الدولية وشبكات التواصل سيلاحظ أن كثيرا من المحللين والمفكرين من مختلف دول العالم رددوا عبارات مثل «نريد مثل هذه القيادة في بلادنا»، وهو أمر مثير للانتباه لم يكن ليحدث لولا أن الحدث تاريخي بكل امتياز.

يعتقد السعوديون أن الأمر الملكي الكريم بتشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد برئاسة الأمير الملهم محمد بن سلمان، وهو الرجل الذي تتعلق به قلوبهم وأحلام مستقبلهم، بمثابة خارطة طريق جديدة للدولة، والأهم أنها تنطوي على فتح كافة الملفات القديمة للمفسدين، فقضايا الفساد لا تسقط بالتقادم كما هو معروف، والمال المنهوب حق للوطن وللأجيال القادمة، ولذلك فإن كل مواطن حاليا على ثقة تامة من عودة تلك الأموال الطائرة، فالأمير الملهم أثبت للعالم أجمع أن كلماته وعود وأنه إذا وعد أوفى بعد مقولته الشهيرة عن الفساد والفاسدين «لن ينجو أحد»، مؤسسا حقبة جديدة لا مكان فيها للفاسدين ولصوص المال العام في «السعودية العظمى».

news-sa.com@

Hd.alhayat@gmail.com