-A +A
عبدالرحمن الطريري
الخبير الأمريكي سبيد لييس (speed Leas) المختص بعلم إدارة الصراعات وبالمجتمعات المتنازعة، ذكر في كتابه عن إدارة الصراع والصادر في 1985، خمس درجات من الاختلاف والنزاع بين البشر.

في الدرجة الأولى تكون المشكلة قابلة للحل عبر تعاون مختلف الأطراف، لتصل في المرحلة الخامسة إلى تدمير الطرف الآخر، ويبدو أن التأرجح بين هذه الدرجات هو وصف الحال لما حدث في لبنان، حيث استقال دولة الرئيس سعد الحريري بعد عام في منصبه كرئيس وزراء لبنان، بالإضافة إلى ما أوردته قناة العربية عن محاولة اغتيال تعرض لها.


وقد كان توليه المنصب ضمن محاولات حلحلة الشغور الرئاسي، والتي أدت لتولي ميشيل عون رئاسة الجمهورية، بعد حصوله على 83 صوتا في البرلمان، بعد أخذ ورد ونقاشات طويلة بين الفرقاء اللبنانيين.

ودائما في أحداث لبنان هناك زاوية محلية للأحداث، وزوايا إقليمية ودولية عدة، فاستقالة الحريري مؤشر على محدودية قدرة الحكومة على الحراك، وإن استلاب قرارها وإن بشكل غير كامل، لمؤشر على رغبة كبيرة لدى حزب الله في تحوله من دولة داخل دولة، إلى دولة تحكم الدولة.

عودة حزب الله من سورية، مهما كان موعدها فيراد لها أن تمنح الحزب مكاسب أكبر، ليس بطبيعة الحال لأن حزب الله جنب لبنان الإرهاب كما زعم، بل لأن المستقبل السوري ليس واضحا بشكل كامل، والأكيد أن الروس ثم الأمريكان هم من سيكون لهم الدور الأكبر في تحديد مستقبل سورية السياسي.

كما أن ما يحدث في لبنان مرتبط بما يحدث لإيران، ورغبتها بإظهار القوة ضد الولايات المتحدة، خصوصا مع التصريحات المتتالية من الرئيس ترمب وعدة مسؤولين أمريكيين، ضد إيران وتدخلاتها في المنطقة، وضد حزب الله بشكل مباشر.

ولعل زيارة مستشار المرشد، علي أكبر لاريجاني ولقاءه عدة زعامات لبنانية منها سعد الحريري، يشير إلى أن إيران قررت بداية التحرك من بيروت، كما أن لاريجاني كان له تصريح بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، أشار فيه إلى ضرورة مغادرة قوات سورية الديموقراطية المدعومة من الولايات المتحدة مدينة الرقة.

هذا الضغط الإيراني على لبنان، يأتي أيضا بعد تقارب بين السعودية والعراق، وتبادل للزيارات بين عدة مسؤولين من البلدين، ودعم أمريكي كبير للعبادي، يؤثر بالنتيجة على النفوذ الإيراني في العراق، وإن كان لا يلغي هذا النفوذ بالطبع.

ومع الخشية المتزايدة من تحرك أمريكي أكبر ضد إيران وحزب الله، ورمزية تسمية الخليج بالعربي من قبل الرئيس ترمب، والتي وصلت للأذن الإيرانية بوضوح، توجهت النظرة الإيرانية إلى لبنان لكي يكون الهدف الأسهل لإظهار نفوذ إيران، بالضغط على الحكومة اللبنانية، وتصفية بعض الفرقاء السياسيين، وربما الذهاب أبعد من ذلك لتكرار مغامرة حزب الله في 2006.