-A +A
سعيد السريحي
كنت أقول لولدي نواف حينما كان يتباهى بما في الإشعارات التي تبعثها لي المدرسة الأهلية الخاصة من درجات عالية: لا تضحك عليا ولا على نفسك ولا تصدق إنك تستحق هذه الدرجات، وكنت أؤكد له: قضيت نصف عمري تلميذا ونصفه معلما وأعرف أن مستوى الجهد الذي تبذله في المذاكرة لا يمكن له أن يحقق لك هذه الدرجات التي تتباهى بها.

لم تكن تلك قضية نواف وحده، ولم تكن قضية الطلاب الذين يتلقون تعليمهم في مدارس أهلية خاصة، بل هي مشكلة التعليم عموما حين اختلت المعايير وأصبح المدرسون يتبارون فيمن يعطي الطلاب درجات أعلى، وأصبحت المدارس تتباهى بما تكشف عنه النتائج من تقدم طلابها وحصولهم على درجات أعلى.


وإذا كانت وزارة التعليم قد تنبهت لهذه المسألة أخيرا وكشفت عن أن نتائج اختبارات قياس قد أثبتت تلاعب المدارس الأهلية الخاصة وأن الفجوة بين نتائج قياس والتحصيلي برهنت على أن ما نسبته 46% من النتائج قد تعرض لهذا التلاعب، إذا كانت الوزارة قد اكتشفت متأخرة ذلك فإن المرجو والمأمول هو أن لا تتأخر في اكتشاف الأمر نفسه في مدارسها هي كذلك.

ثمة خلل أفضى إلى أن نشاهد كل عام عشرات الطلاب يحملون شهادة المرحلة الثانوية بنتائج بلغت 100% في مختلف المواد، وكأنما هناك طفرة جينية قد حدثت وميزتهم عن حيل آبائهم وأجدادهم الذين كان حَسْب المتخرج منهم أن يحقق نسبة 85% ليكون الثاني على مستوى المملكة في سنة 1392 على سبيل المثال بينما لم تتجاوز نسبة الأول على مستوى المملكة 86% في السنة نفسها.

هذا التحايل والغشش الذي جرت عليه المدارس في منح الطلاب هذه النسب غير الدقيقة وغير الصادقة ينبغي التصدي له، فأن يقوم الطلاب بالغش فتلك مصيبة، أما إذا غشت المدارس طلابها فتلك جريمة كبرى.