-A +A
عبدالرحمن الطريري
كلمة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، في منتدى مستقبل الاستثمار، حملت رسائل عدة، سياسية واقتصادية واجتماعية، لكن الإطار العام لها كان قائد شاب يفهم الواقع، ويحلم بالمستقبل، مستقبل يتجاوز أحلام كل الطموحين، في فترة ليست بالسهلة لا على المملكة ولا على العالم.

العالم في شرقه حيث اليابان وكوريا الجنوبية، وحليفهما الرئيسي الولايات المتحدة غربا، يشعرون جميعا بالقلق من تنامي الخطر الكوري الشمالي، وفي الشرق الأوسط حيث الخطر الإيراني يتعدى إلى عدة دول ويدفع بها دفعا لتكون أشباه دول، تديرها ميليشيات ويسطر طريقها الفوضى، وتستدعي خطابا مر عليه 14 قرنا.


وهناك قطر التي مولت ودعمت الإرهاب، وكانت النافذة لتنظيمات داعش والنصرة، وحزب الله والحوثيين، المدعومين من التوأمة القطرية الإيرانية، ليكون الخطر موجودا من الممرات البحرية في البحر الأحمر والجزيرة العربية، مرورا بغسيل الأموال وتجارة المخدرات في أمريكا الجنوبية عبر حزب الله، وصولا لتصدير الإرهاب إلى الدول العربية والغربية.

ولهذا كان ما قاله الأمير محمد بن سلمان عن التطرف، واستخدام عبارة «التدمير» دلالة على أن المملكة هي مملكة الحزم، وأن الحلول الوسطى مع الإرهاب، كالمسح على ظهر الثعبان، وللسعودية رصيد من الأفعال في مكافحة الإرهاب تبني عليه، ولا يشوش عليه ما يُكتب هنا وهناك في بعض الصحف الغربية ضد المملكة.

فالسعودية كانت رأس الحربة في التصدي للإرهاب، فقد شاركت في عمليات التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، وحين ظهر التلكؤ من إدارة أوباما حول المشاركة البرية في الحرب على الإرهاب، كان أن أعلن ولي العهد السعودي تشكيل تحالف إسلامي للتصدي للإرهاب، مبديا استعداده للمشاركة البرية ودحر الإرهاب.

وفي العام 2011 وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقية مع الأمم المتحدة، لدعم المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، وقدمت المملكة دعما إضافيا للمركز في العام 2014، كما أن السعودية افتتحت في الرياض مركز «اعتدال» لمكافحة التطرف في شهر مايو الماضي، وهناك العديد من المساعي لتجفيف تمويل الإرهاب وتقصي مصادره، بالإضافة للتعاون ومشاركة العديد من المعلومات مع الدول الصديقة، مما جنب العالم عمليات عدة.

كما أن مكافحة الإرهاب تأتي بالتوازي مع التنمية وخلق فرص العمل، وهو الأمر الكفيل بخلق سد أمام فرص غسيل الأذهان وتجنيد الشباب، وهذا تبين خلال الأشهر الماضية عبر عدة مشاريع أعلنت عنها المملكة كمشروع البحر الأحمر ومشروع نيوم.

هذا كله يأتي أيضا تحت مظلة رؤية المملكة 2030، والتي تدرك بالأساس أن المملكة لا يمكن أن تظل تعتمد على مداخيل النفط لتمثل 90% من ميزانيتها، كما كانت قبل سنوات قليلة، ولا شك أن هذا التحول الاقتصادي، ضروري ويحمي من ما هو أسوأ وإن حمل بعض الألم، في مراحله الأولى.

السعودية تتحرك للمستقبل وهي تقرأ التاريخ جيدا، ليس فقط التاريخ الذي يعود إلى بذور الإرهاب ونمو الإسلام السياسي في 1979، بل التاريخ الذي يعود أيضا إلى 1982 حين أنشأت إيران حزب الله، وظل يكبر حتى صار وباله يتعدى إلى سوريا والعراق وعدة دول خليجية وصولا إلى اليمن.

ومن هنا قال الأمير محمد إن بقاء الحوثيين كبذرة لمشروع حزب الله جديد، ضاحيته الجنوبية في صعدة أمر غير مقبول، لأن هذا الأمر ببساطة يقوض مستقبل اليمن والسعودية والدول العربية غرب البحر الأحمر، وهي رسالة أيضا إلى طهران بأن فكرة الاتفاق النووي + التمدد عربيا خرجت من الباب الذي خرج منه الرئيس أوباما.

السعودية دولة كبيرة بقيمتها الدينية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، وهذا يحملها مسؤولية تجاه شعبها وتجاه عمقها العربي والإسلامي، ولهذا مشروع «نيوم» هو مشروع طموح سيفيد المملكة وستستفيد منه مصر والأردن، ولهذا أيضا قطر هي مشكلة صغيرة بالنسبة لقائمة المملكة الطويلة من المشكلات التي تعالجها والمشاريع التي تعمل عليها، ربما كما كانت كوبا بالنسبة للولايات المتحدة، ضررها لا يتجاوز كثيرا كونها ظاهرة صوتية.