-A +A
حمود أبو طالب
نتفهم كثيراً اهتمام المجتمع بأي نقاش في مجال التعليم، لاسيما القضايا الجوهرية التي تمس صلب العملية التعليمية والتربوية، لأن تعليمنا يمثل حالة خاصة ربما لا شبيه لها في العالم، فالدول تسعى باستمرار لتطوير تعليمها كي يواكب المراحل التي يحتمها التطور العلمي السريع، لديهم مراكز أبحاث وخبراء يملكون صلاحية التعديل بما يلبي الاحتياجات، لا يعترضهم أو يعطل عملهم أحد، لكن الأمر لدينا أكثر تعقيدا لأننا نواجه معضلتين كبيرتين، الأولى تتمثل في تحكم فئة محددة في نوعية ومحتوى المناهج المقررة في المراحل الدراسية، والمعضلة الأخرى الخاصة بنا وحدنا هي تلويث الحقل التعليمي بالأفكار المؤدلجة وتسخيره لغير مهمته الأساسية المعروفة في كل مكان، وبالتالي تكون مشكلتنا مركبة ومعقدة، وخطيرة في ذات الوقت.

هذه الحقيقة يعرفها الجميع وإن كابر البعض بتجاهلها أو إنكارها أو التقليل من أهميتها، هي موجودة حتى مع الجهود المبذولة التي استطاعت تخفيفها لكنها ليست قادرة على إنهائها. نحن الآن نتحدث عن مستقبل مختلف تماما للوطن، مستقبل بدأت ملامحه عبر المشاريع النوعية المتقدمة التي يسارع العالم للشراكة فيها، لكنها في النهاية مشاريع سعودية ولابد أن يكون للمواطن السعودي الدور المهم فيها، ولن ننجح في ذلك إلا بتعليم نوعي متطور وخال من كل الشوائب.


هذا المطلب الحتمي لن يحققه أي وزير مهما كان مبادراً وقوياً، ولذلك يبدو من غير الإنصاف توجيه اللوم للوزراء السابقين أو اللاحقين إذا استمر الحال على ما هو عليه، لأن القوى المضادة التي استولت على مفاصل التعليم وتجذرت فيها أقوى من كل المحاولات. لن يتغير شيء إلا بقرار تأريخي لإنقاذ التعليم وتنظيفه أولا ثم المسارعة إلى تطويره. نحتاج إلى تسونامي تعليمي يجرف كل الرواسب والقواقع السامة التي تفرخ أجيالا جديدة من السموم المقاومة للمضادات الإصلاحية.

باختصار، نحتاج قراراً سياسياً شجاعاً وعاجلاً لانتشال التعليم من الغرق المستمر لأننا سنظل عاجزين ومعاقين بدون تعليم يليق بهذا الزمن.