-A +A
عزيزة المانع
من الملاحظات العامة على الثقافة العربية، أن أغلب البلاد العربية تصرف جل اهتمامها إلى الأدب كتأسيس النوادي الأدبية وانتشارها في جميع المناطق، وإقامة المؤتمرات الأدبية في كل مكان، وتخصيص عشرات الجوائز للرواية والقصة والشعر، لكنها في الوقت نفسه تهمل إعطاء اهتمام مماثل أو أكبر، للبحث العلمي والتقني، فليس هناك انتشار مماثل لنواد علمية أو تقنية، وليس هناك تعدد كبير للمؤتمرات المعنية بالعلوم والتقنية، ولا ازدهار لجوائز تمنح في هذين المجالين كما هو الحال في الأدب.

وما يزيد الأمر سوءا في إهمال العناية بالعلوم والتقنية، أن أغلب الدول العربية باتت هذه الأيام منشغلة بمشكلات أمنية وسياسية وقتالية، تنهكها اقتصاديا وتقصيها عن التفكير في التخطيط والعمل من أجل التطوير والتنمية العلمية بما في ذلك التأسيس لنهضة علمية وتقنية.


وهذا التقصير العربي الملحوظ في الاعتناء بالتنمية العلمية والتقنية ينعكس أثره سلبا على الدول العربية، فهو يجعل الدولة دائما عالة على الدول المتقدمة في سد ما ينقصها في هذين المجالين، كما يضطرها غالبا إلى إنفاق أموال كثيرة لتتمكن من توفير ما تحتاج إليه منها.

لقد بات من المسلمات التي لا خلاف حولها، أن عوامل العزة والسيادة والرفاهية في أيامنا هذه، ترتبط بدرجة ضلوع الدولة في مجالي العلوم والتقنية، فهذان المجالان أصبحا يمثلان عصب الاقتصاد للمجتمعات، وعنصرا جوهريا في تقدمها العسكري والصحي والأمني، ومتى ازدهرا في مجتمع انعكس أثر ازدهارهما على حياة الناس رقيا ورفاهية وسموا وسلاما.

وبما أننا اليوم نخطو في ضوء رؤية تنموية عالية، تجعل من أهدافها دعم العلوم والتقنية، فإن المؤشرات التنموية في هذا الجانب تؤكد حاجة المجتمع إلى وجود وزارة أو هيئة عليا تتولى الإشراف على التنمية العلمية والتقنية في بلادنا، بحيث تؤسس حاضنات علمية وتقنية تدفع بعجلة البحوث والتطبيقات العلمية والتقنية إلى مزيد من الحركة والإنتاج، وهو ما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تتضمن التأكيد على توطين الصناعات العسكرية وتنمية الخدمات المساندة، ورفع نسبة الصادرات غير النفطية، وذلك كله لا يتحقق إلا بتوجيه اهتمام مضاعف نحو دعم الحركة العلمية والتقنية في البلاد.