-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
الحلم بالأفضل شيء جميل في حياة البشر والدول، لكن أصحاب الإرادة هم الذين يصنعون الأحلام ويملكون رؤية إنجازها، فالإرادة القوية تقصر المسافات وتصنع المعجزات لمن يعرفون سبيلها، والمملكة ولله الحمد، دائما تستشرف الغد، لكنها اليوم تسابق بلغة الخيال.

لنعود بإيجاز إلى قبس من الماضي، ونتذكر أن توحيد وتأسيس المملكة كان حلما عظيما راود المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وتحقق بفضل الله ثم بعزيمة البطل والمخلصين معه، لتتلوه معجزة المعاصرة فوق الرمال حتى أفاء الله بالخير على بلادنا، وهكذا كانت الجبيل وينبع حلما وأصبحتا قلاعا صناعية مع كيانات إنتاجية أخرى عملاقة تبلغ آفاق العالم، وغير ذلك كثير في الطرق والنهضة الحديثة، وهذا ما يجب أن نتذكره دائما.


طوال مسيرة الوطن لم تنطفئ الأحلام ولم تخب الإرادة في دولة تعرف قدر مكانها ومكانتها وما يليق بها من طموح وإنجاز حضاري بحكمة القيادة وتطلعاتها لشعبها الوفي الطموح. أما الذين يريدون إطفاء نور الحياة ونعمة الاستقرار والتطور، دائما ما تلفظهم سفينة الوطن وتطوى صفحتهم بالهزيمة، والعار، ولعلنا نتوقف هنا عند الكلمات الحاسمة لسمو ولي العهد (لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة... فنحن نمثل القيم السمحة والمعتدلة والصحيحة، والحق معنا في كل ما نواجه).

نعم ينتصر الوطن دائما بصحيح الدين، وبعزيمة البناء والأحلام التي تسابق الزمن بعد أن كانت المنجزات تحسب بعشرات السنين.

يوم الثلاثاء الماضي كان موعدا لأحلام سعودية رائدة عالميا، عرضها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في مشروع (نيوم) ويعني المستقبل الجديد، في منطقة واعدة بكر في أرضها وسواحلها ومسطحاتها البحرية، تعكس عبقرية اختيار الموقع، ومن قبلها الإرادة التي تصنع أحلام المستقبل القريب على مساحة تفوق 26 ألف كم مربع، وسواحل تمتد لنحو 468 كم، وضخ نصف تريليون دولار ليصبح خلال أعوام قليلة واقعا أجمل من الخيال من حيث الحياة الأفضل وفرص استثمار نوعية وبيئة عمل للعقول البشرية وروبوتات ذكية تفتح الأبواب لعصر مختلف في بلادنا.

رؤية 2030 رسمت أحلاما كثيرة للوطن والمواطن، وترسم خريطة الطريق للعلم والعمل والحياة وثقافتها في المستقبل. وهنا تتجلى قيمة الإرادة والطموح في القفزات الكبيرة والقرارات الشجاعة من خادم الحرمين الشريفين، ويقود تحقيقها الأمير محمد بن سلمان، من فضاء الرؤية إلى إرادة الإنجاز، ويا له من تزامن هادف في التوقيت والمعنى بانعقاد مبادرة مستقبل للاستثمار، التي تؤطر لمفهوم نوعي جديد للتطور في مجالات حيوية يتنافس فيها العالم.

كل هذا يعني الكثير لبلادنا والتفاعل بثقة مع رؤيتها ومستقبلها التنموي والسياحي والاستثماري داخل الوطن، مثلما يعني الكثير للأجيال عندما تصبح هذه المنجزات الخيالية شعاعا لإبداعهم بالعلم والكفاءة، عقولا وسواعد وابتكارات وأبحاثا في مشاريع العصر والحلم للمستقبل، بروح وثابة للتعليم والعمل لأعداد كبيرة في المدى المنظور، مما يفرض على الأسرة والمجتمع تحديات بضبط أكثر للبوصلة، نحو عالم لايتثاءب، بديع في التطور وأسلوب الحياة وجودتها، وهو الفارق الذي أوجزه ولي العهد بالمسافة الحضارية بين الجوال القديم والهاتف الذكي، وهي فجوة شاسعة بين الإنجاز التقليدي ومشاريع الأحلام التي تطوع الخيال بقرارات شجاعة تصنعها قيادة حكيمة من أجل مستقبل الوطن وللأجيال من الشباب الطموح المبدع.