محمد الثبيتي
محمد الثبيتي
-A +A
عبدالرحمن العكيمي ALOKEMEabdualrh@
الشعر العامي مؤثر كبير في ثقافتنا ومكون من مكونات الإبداع، وتقوم العلاقة بين الشعر العربي الفصيح والشعر الشعبي (العامي) على البناء والتكامل والتأثر والتأثير حتى إن وصفت في بعض الأحيان بأنها علاقة غير منسجمة. ويؤكد الدكتور سعد الصويان بقوله: «يتداخل الأدب الشعبي في ثقافتنا العربية مع الأدب الفصيح على عدة أصعدة، فهما متداخلان على صعيد المادة والشكل»، ويضيف أيضا: «كل منهما يغذي الآخر ويمده بالمضامين الأدبية والأدوات الفنية، وقبل أن تشتد حدة التمايز اللغوي بين العامي والفصيح كان الأدب العربي في عصوره المبكرة وفي فجر نشأته أدبا شعبيا يصاغ بلغة كانت آنذاك هي لغة الناس اليومية»، والشعر العامي يعتبر واحدا من المكونات الثقافية المهمة في أدبنا بوجه عام، وهو جزء مهم من التراث الثقافي له أبعاده الكثيرة التي تساهم في تكوين رؤية جديدة للشعر الفصيح، إذ لعب دورا حيويا في مراحل سابقة وتطور خطابه ومستوياته اللغوية والصوتية والأسلوبية، وثمة شعراء يقدمون نصوصا إبداعية عامية تحمل صورا جديدة غاية في الدهشة، وهنا يأتي تأثير تلك النصوص على القصائد الفصيحة، فقصائد محسن الهزاني وابن لعبون ومحمد الأحمد السديري وغيرهم من الأسماء المهمة ما زالت ساكنة في وعي الكثير من شعراء الفصيح، حيث يتم توظيف بعض الأبيات العامية المتفردة في القصيدة الفصيحة.

يقول الدكتور عبدالله المعيقل: «وظف الشعراء السعوديون المعاصرون كثيرا من أبيات الشعر الشعبي في كثير من قصائدهم باللغة الفصحى وتلك سمة من سمات توظيف خصائص البيئة في الشعر السعودي عند شعراء مثل سعد الحميدين وعلي الدميني وعبدالله الصيخان ومحمد الثبيتي». وسنجد أننا أمام مجال يتسع لو توقفنا عند قراءة توظيف شعراء الفصيح للأبيات الشعبية لكنني هنا سأمضي إلى سيد البيد الشاعر الراحل محمد الثبيتي -يرحمه الله- في قصيدة له اسمها «فواصل من لحن بدوي قديم» يوظف فيها أبياتا لشاعر الحب والغزل محسن الهزاني المتوفى عام 1222هـ يقول في آخر القصيدة:


حين يصحو الحب في عينيك دفئا وظلالا

وصباحا حائرا يلقي على الكون سؤالا

ينتشي سيفي المحلى في يميني

وتغنيني العشيات الثمالى

( كريم يانو بروقه تلالا

نو ورا نو وبرق ورا برق

قالوا: كما مبسم هيا قلت لا لا

بين البروق وبين مبسم هيا فرق )

وهنا نلحظ أن الأبيات التي ما بين الأقواس جاءت أبياتا عامية معروفة للشاعر محسن الهزاني وظفها الشاعر الثبيتي في النص وهو أحد أهم القامات الشعرية الفصيحة في بلادنا وهي تحمل نفس الرؤى خصوصا في مقطعها الأخير.. وثمة نماذج أخرى تستثمر توظيف الأبيات الشعبية في نصوص فصيحة.. ولعلنا نواصل التركيز في الأسابيع القادمة بإذن الله على نماذج أخرى للعلاقة بين الشعبي والفصيح..