-A +A
سعيد السريحي
لا أعتقد أن أحدا يجهل أن الذكاء الصناعي يرتبط ارتباطا وثيقا بما تطورت إليه الحواسيب، حتى باتت تتمتع بذكاء يجعلها قادرة على ردود فعل ليست مبرمجة عليها، مما شكل ثورة كبرى في هذا المجال ووضع استخدامات الحواسيب على عتبة جديدة لا يستطيع أحد أن يتكهن بما سوف تحدثه من نقلة في تاريخ البشرية.

وحين عرضت لموضوع «الذكاء الاصطناعي» في هذه الزاوية، تعليقا على ما استحدثته دولة الإمارات العربية من وزارة للذكاء الطبيعي، تعمدت أن أتجاوز المعنى المتداول للذكاء الاصطناعي وأن أمضي قدما للنظر إلى ما يمكن أن ينعكس على الإنسان من رقي في ذكائه نتيجة أمرين: أولهما ما يشكله هذا التطور التقني من تحد له واستفزاز لقدراته، بعد أن ظل الإنسان طويلا يتوهم أنه هو أرقى الكائنات وأذكاها على وجه الأرض، وأما الأمر الآخر فهو الارتقاء بالتعامل مع هذه التقنية بعد أن تم ابتذالها حينا وإساءة استخدامها حينا آخر، وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بما هو متهافت ومتهالك من الأقوال والأفعال، وأصبحت هذه المواقع مجالا خصبا لترويج ما لا يمت للذكاء بأي صلة أو صفة.


ومن هنا ذهبت إلى ربط الذكاء الصناعي حين يبلغ الاهتمام به أن تكون له وزارة بالذكاء الطبيعي، ونظرت إليه من جانبه التربوي والاجتماعي باعتباره تأكيدا على النهوض بالإنسان وتطوير قدراته ورفع مستوى ذكائه، وذلك لا يمكن له أن يتحقق إلا إذا اعتبرنا الذكاء قدرة مكتسبة تنمو نتيجة التربية والتعليم وليس مجرد ذكاء طبيعي يولد مع الإنسان ولا وسيلة لتطويره وتنميته.

إن استخدام مصطلح «الذكاء الاصطناعي» يعني بشكل واضح وضع الفكر البشري موضع التحدي كي لا تكون الأجهزة التي يخترعها أكثر ذكاء منه ويجد نفسه أمام «فرانكشتاين» جديد لا يستطيع السيطرة عليه والتحكم فيه.