-A +A
حمود أبو طالب
شهدت الرياض قبل أمس حدثاً في غاية الأهمية من حيث توقيته ودلالاته وأبعاده ونتائجه المستقبلية وتأثيره على مسار الأوضاع الراهنة في محيطنا، فقد تم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي العراقي بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي بحضور وزير الخارجية الأمريكي السيد ريكس تيلرسون، ألقى خلاله الملك سلمان كلمة قصيرة لكنها بالغة الأهمية في إشاراتها إلى طبيعة العلاقات بين المملكة والعراق والقضايا البارزة المشتركة التي تتطلب المعالجة، كما عقد وزير الخارجية السعودي مؤتمرا مع نظيره الأمريكي وصرح بعده تصريحا مهما بشأن تحييد مهددات الأمن الخليجي الذي تمثله إيران بتدخلاتها المستمرة وإصرارها على التواجد العلني التخريبي في أكثر من ساحة، خصوصا العراقية.

أولا، لا بد من الإشادة بالدبلوماسية السعودية التي أثمرت عن استعادة العراق إلى الحضن العربي، وبدء مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية تتسم بالتنسيق الشامل لكل مجالات التعاون، بدأت خطواتها عمليا وسوف تتسارع وتيرتها في الفترة المقبلة. وقد أثبتت المملكة حرصها الأكيد على وحدة العراق ورفضها لسابقة التجزئة للوطن الواحد بموقفها من توجه إقليم كردستان للانفصال ودعوتها لحل الإشكالات بالحوار وفي إطار الدستور؛ أي أن المملكة تسعى لبناء علاقات وثيقة مع عراق عربي جديد موحد يتبنى مشروعا تنمويا شاملا يغير الحياة فيه إلى الأفضل.


ومن ناحية أخرى فإن تصريح الوزير الأمريكي بأن الهدف بناء عراق قوي بعيداً عن طهران، وأن مجلس التنسيق يأتي لصالح البلدين والمنطقة بأكملها، لهو دلالة واضحة وتأكيد على جدية الإدارة الأمريكية الجديدة في تعاملها مع إيران التي أصبحت السبب الأبرز للمشكلات والأزمات في محيطنا، نتيجة دعمها وإطلاق يدها من قبل الإدارة الأمريكية السابقة لتعيث فسادا وتخريبا، لكنها الآن تواجه حصارا جادا وتحييدا عمليا لتبقى خارج شؤون الآخرين، وعندما تنجح الدبلوماسية السعودية الأمريكية في إخراجها من الساحة العراقية فإن ذلك إيذان بشل نشاطها في بقية الساحات عبر عملائها ووكلائها لتتخلص المنطقة من شرورها.

نبارك لأنفسنا كسعوديين بالنهج الجديد لدبلوماسيتنا المثمرة، ونبارك لأنفسنا كعرب بعودة العراق إلى أشقائه ورؤيتنا لبوادر نهضته من جديد.

habutalib@hotmail.com