نزار مدني
نزار مدني




غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) okaz_online@
خرج الأديب والدبلوماسي الدكتور غازي عبيد مدني، بحقيقتين في كتابه «المستقبل»، الأولى: أن الدراسات الخاصة بالمستقبل تطورت في الغرب إلى الحد الذي غدت فيه علما له أصوله وقواعده، وله مناهجه وتطبيقاته، وأصبح له خبراؤه ومراكزه التي تكاثرت وانتشرت في الدول الغربية بشكل لافت للأنظار، والثانية: قال عنها «هذه (العدوى) العلمية والأكاديمية لم تنتقل إلى الدول العربية بالشكل المطلوب والمرغوب».

إذ من الملاحظ أن هناك شبه ندرة في المراكز العربية الخاصة بدراسات المستقبل، وأن هناك قلة في الدراسات والمؤلفات التي تعنى بهذا الموضوع، والتي أصبحت المكتبة العربية في أمس الحاجة إليها، إضافة إلى ذلك فإني لم أقع حتى الآن على مؤلف سعودي واحد، ولم أظفر بدراسة سعودية واحدة تبحث في هذا الموضوع، ما دفعني وشجعني على الإقدام على محاولة سد الفراغ الذي تعانيه المكتبة السعودية في هذا المجال، والإسهام بجهد المقل في توجيه الانتباه، ولفت الأنظار إلى أهمية مثل هذه الدراسات.

التقنية والحياة العامة

منح مدني مساحة كبيرة لأثر التقنية على الحياة العامة مستقبلا، محددا القطاعات التي ستشهد أكبر التغيرات، متعرضا لشكل الرأسمالية المتوقعة في المستقبل جراء هذه التغيرات في التقنية الحديثة والسريعة، وكيف أنها (أي الرأسمالية) ستتغير لتصبح أكثر «شعبوية» ومتاحة للعامة بدلا من أن كانت محصورة لدى النخبة، متوقعا أن التقنية ستؤثر بالسلب والإيجاب على مكانات دول بعينها ومناطق وقارات حول العالم، وتغيرا في النظام العالمي التقليدي.

النظرة إلى الأمام

ما الذي دفع مدني لتأليف الكتاب الذي حوى مجموعة من المباحث المستقبلية المتوقعة في القرن 21 (440 صفحة من القطع الكبير 2017)، أجاب بالقول: «منذ سنوات عدة خلت بدأت الدراسات الخاصة بالمستقبل تستهويني، وتنال قسطا وافرا من اهتمامي، إلى الحد الذي طفقت فيه أبحث وأنقب عن المؤلفات والمراجع العلمية الخاصة بهذا الموضوع، وقد تمكنت من العثور على حصيلة لا بأس بها من تلك المؤلفات والمراجع، التي أصبحت تحتل قسما أثيرا من مكتبتي المنزلية؛ وفي غضون ذلك تبيّنت لي -من خلال متابعتي لهذا الموضوع- حقيقتان لافتتان، الأولى: هي أن الدراسات الخاصة بالمستقبل تطورت في الغرب إلى الحد الذي غدت فيه علما له أصوله وقواعده، وله مناهجه وتطبيقاته، وأصبح له خبراؤه ومراكزه التي تكاثرت وانتشرت في الدول الغربية بشكل لافت للأنظار، والثانية: العدوى العلمية والأكاديمية لم تنتقل إلى الدول العربية بالشكل المطلوب والمرغوب».

المستقبل وشأن المكتشفين

في رؤيته لوضع بوصلة للمستقبل، طرح مدني استفهامات عدة: وما الطريق إلى امتلاك تلك الخريطة وتلك البوصلة؟ وما السبيل إلى اختيار الطريق الذي يفضي إلى ملامح هذا المستقبل المنشود؟، مجيبا على ذلك بالقول: «شأننا في استشراف المستقبل سيكون شأن المكتشفين الجغرافيين القدامى نحو المجهول لا يعلمون أين سينتهي بهم المطاف، ولا يدركون ماهية الأخطار التي ستواجههم، رحلتنا إلى المستقبل لن تكون مجرد استمتاع، بقدر ما هي استكشاف، ولن تكون مجرد نزهة، بقدر ما هي مغامرة، ولن تكون معلومة النتائج مأمونة العواقب، بقدر ما هي مجهولة المصير متعددة الاحتمالات، ونحن في هذا الشأن مثلنا مثل المستكشفين الأوائل تتنازعنا توقعات وتنبؤات متنافرة ومتضادة».

تصور للعالم الجديد

في تصوره للمشاركة الفاعلة في صنع المستقبل: يقول مدني: «إذا أردنا أن نشارك بفاعلية في صنع مستقبلنا، فإن علينا أن نمتلك خارطة طريق واضحة المعالم ومحددة الأهداف، وأن نمتلك البوصلة التي نهتدي بها للتعرف على الطريق إلى المستقبل الذي نريده، وأن يكون لدينا تصور واع للعالم الجديد الذي نعيش فيه، وأن نهيئ أنفسنا للتعامل والتفاعل معه بالشكل الذي يخدم مصالحنا، ويحقق تطلعاتنا وآمالنا».

أربعة فصول

الفصل الأول

«تطور مفهوم الدراسات المستقبلية»، واحتوى على: التأصيل التاريخي، وتبسيط مفهوم استشراف المستقبل، وتصنيف المهتمين بالمستقبل، وتوقعات لم تتحقق وأسباب عدم تحققها، والأساليب والتقنيات في الدراسات المستقبلية، وماهية المتغيرات المستقبلية.

الفصل الثاني

«التحولات والتغيرات المستقبلية في المجالات العلمية والتقنية، وتضمن: مكونات التقدم العلمي ومظاهره، والحاسوب، وتقنية النانو، والإنسان الآلي، والتقنية الحيوية، والتوقعات المستقبلية لمظاهر ومكونات التقدم التقني».

الفصل الثالث

«التأثير المستقبلي للتحولات والتغيرات العلمية والتقنية في مجالات حياة الإنسان ودوائر اهتماماته»، فجاء في ستة محاور: تأثير التقنيات الحديثة على الاقتصاد، وعلى أسس النظام الرأسمالي وقواعده، وعلى مجال النقل والمواصلات، وعلى مجالات الإعلام، والصحافة، والإذاعة والتليفزيون، ومجالات التواصل الاجتماعي، والمجال الطبي.

الفصل الرابع

«التحولات والتغيرات المستقبلية في المجال السياسي»، وتضمن التحولات المتوقعة في هيكل النظام الدولي وفي مواقع بعض الدول، والتحولات والتغيرات المستقبلية المتوقعة في العالم العربي وقدم في هذا الصدد أربعة تصورات، والتحولات والتغيرات المستقبلية المتوقعة في منطقة الخليج العربي، متناولا السيناريو السلبي أو المتشائم، والسيناريو الإيجابي المتفائل، السيناريو المثالي.