-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
سبق أن كتبت عن هذا الموضوع سابقا، منذ أكثر من 30 سنة مبديا استغرابا ما زلت أفكر فيه، لكنه أصبح أكثر إلحاحا اليوم وستكون الغرابة أكبر كلما استمرت الممارسة.

شاركت في مؤتمرات علمية لا أحصي عددها، سواء كطالب صيدلة أو كمعيد أو محاضر أو باحث، ولا أذكر عدد الدول الحاضنة للمؤتمرات التي حضرتها، لكنني أتذكر جيدا أن المملكة العربية السعودية الدولة الوحيدة التي تتكفل بتكاليف المحاضر أو (المتحدث) كما يسمى في المؤتمرات كاملة، فتستقبله في المطار ويسكن مجانا ويأكل مجانا ويتنقل مجانا وتدفع عنه تعويض قيمة تذكرة الطيران! أمر مستغرب حقا، صحيح أننا نتميز بكرم الضيافة لكننا نتميز أيضا بشرف الاستضافة العلمية، فنحن متميزون في تخصصات علمية عدة نحن فيها مرجعية علمية عالمية.


لم نعد تلك البلد التي تحاول اجتذاب العلماء لزيارتها، هذا من جانب، ثم إن احتضان مؤتمر علمي أو صحي أو تطبيقي، المهم فيه إجادة تنظيمه وليس مجانية التنظيم، ومن يرغب طرح ورقة علمية فيه يفعل ذلك لرغبته العلمية ولنشر بحثه وتقديم معلوماته، فلماذا نقدم له الفرصة مجانا خلاف غيرنا؟!.

خذ، على سبيل المثال لا الحصر، في مجالات إنتاج البترول، وزراعة الكبد وفصل التوائم وإنتاج الأمصال المعادلة لسموم الثعابين والعقارب نحن مرجعية علمية عالمية لا يستطيع أحد الجدال في ذلك، وتعترف بذلك المؤسسات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية كمثال، فلو عقد لدينا مؤتمر في أحد هذه المجالات (وغيرها كثير لكنها مجرد أمثلة) فإن كل عالم يتمنى طرح ورقته من خلالها، فلماذا نتكفل بتكاليفه؟!.

في المقابل فإن المتخصص منا في تلك المجالات التي نتميز بها لو سجل في مؤتمر كمتحدث أو دعي له، فإنه يتكفل بكل تكاليف رحلته وتنقلاته وطعامه إلا ما اشتملت عليه رسوم التسجيل التي دفعها.

لا أتحدث ظنا أو توقعا بل عايشت هذه الحالة الغريبة طوال 30 سنة وأنا عضو في عدة لجان تنظيم مؤتمرات سواء أثناء عملي كمحاضر بجامعة الملك سعود أو بعد انتقالي منها، وأنا أستغرب لماذا نتكفل بالمتحدث، وزاد استغرابي عندما شاركت متحدثا في مؤتمرات بفرنسا وأمريكا والكويت والإمارات وأنا أتكفل بكل تكاليفي.

أقول قولي هذا من منطلق وطني، مذكرا أن بعض الكرم قد يفسر ضعفا.