-A +A
فهيم الحامد (جدة) FAlhamid@
في ليلة ظلماء سقطت مدينة النفط «كركوك» بأيدي قوات الحشد الشعبي العراقية واحتفلت قوات سورية الديمووقراطية «قسد» بتحرير آخر معاقل «داعش» بمدينة الرقة.

وبحسب المراقبين، فإن سقوط كركوك المفاجئ لا يمكن أن يتم، إلا بترتيبات أمريكية إيرانية تركية، مشيرين إلى أنه قد لا يكون هناك تنسيق أمريكي مباشر مع إيران وتركيا في هذا الإطار، إلا أن مجرد التغاضي الأمريكي، عما جرى في كركوك بحد ذاته يعتبر موقفا، خصوصا أن واشنطن أعلنت عن موقفها في ما يتعلق بكركوك عندما أوضحت الخارجية الأمريكية أنها في حالة الحياد في هذا الموضوع.


في الرقة، اختلفت التوازنات وقواعد اللعبة، إذ وضعت واشنطن ثقلها وراء قوات سورية الديموقراطية والمعروف الأمر الذى أدى لتحرير الرقة من «داعش» بالكامل، ولكن من المفارفات أن أنقرة تعارض، «قسد»، فيما تدعمها واشنطن بالعتاد والسلاح. وفي الضفة الأخرى دعمت تركيا الحشد الشعبي وإيران في سقوط كركوك في عملية لتقاسم المصالح في كركوك وتعارضها في الرقة.

مفارقات سياسية وعسكرية أخرى مفاجئة أدت إلى تحالفات إيرانية تركية على البشمركة وحررت الرقة، بدعم أمريكي فيما سقطت كركوك بيد الحشد الشعبي في معادلة تحتاج إلى قراءة عسكرية وإستراتيجية في تغيير قواعد اللعبة في ذلك الجزء من العالم.

ما جرى في الرقة السورية يمكن فهمه ببساطة، أما ما جرى في كركوك فمن الصعب استيعابه، على الأقل في هذه المرحلة، لأنه جاء بعيد إعلان الرئيس الأمريكي ترمب لإستراتيجيته في التعامل مع إيران وقصقصة أجنحة أذرعها الطائفية، خصوصا أن سيطرة إيران على كركوك الغنية بالنفط قد تمثل ردا على الإستراتيجية الأمريكية.

بيد أن بعض المراقبين يرون أنها صفقة برعاية خارجية، ربما هي التي رسمت تفاصيل المشهد، وأنهت العملية بأقل الخسائر. وسيكون على الجماعات الكردية التي قادت المعركة ضد «داعش» في الرقة أن تخوض بحذر في عملية سلام معقدة لتفادي التوترات العرقية؛ فعلى المدى الأبعد فإن مصير الرقة السياسي مرتبط بالمصير الأكبر للحرب التي فتتت سورية، خصوصا أن تركيا تعتبر على وجه التحديد تنامي النفوذ الكردي السوري على حدودها تهديدا لأمنها، وضغطت على واشنطن لكي تتخلى عن تحالفها مع وحدات حماية الشعب الكردية قبل هجوم الرقة. لكن مساعي أنقرة باءت بالفشل؛ ففي الليلة الظلماء عندما ينتصر «الحشد» و«قسد» على البشمركة و«داعش» يجب أن تفتش عن سليماني في كركوك والرقة.