-A +A
محمد أحمد الحساني
كان لمجموعة من الأكاديميين الذين ينتمون لعدد من الجامعات موعد في المحكمة المختصة بمكة المكرمة، للنظر في ملف يخص إشرافهم على مشروع تنموي كبير تَعرَّض تنفيذه لشيء من التأخير، فاقتضى الأمر عقد جلسة لهم لتقديم تفسير عن أسباب التأخير باعتبارهم مكلَفين من قِبل جامعاتهم بالإشراف الفني والهندسي على ذلك المشروع الكبير، ولكن أولئك الأكاديميين الذين قَدِمَ بعضهم من مدن أُخرى مثل الرياض والطائف وجدة، تاركين أعمالهم ومحاضراتهم وارتباطاتهم الأسرية، فوجئوا بعد وصولهم إلى المحكمة بتأجيل الجلسة، بحجة أن القضاة الثلاثة الذين كُلِّفوا بالتحقيق الجنائي طرأت عليهم أعذار حالت دون حضورهم في موعد الجلسة، حيث أُعطِيَ الأكاديميون موعداً لجلسة أُخرى في وقت لاحق!

ما حصل للجماعة الأكاديمية يحصل يومياً مع متقاضين تُعطى لهم مواعيد جلسات في المحاكم، فإذا حضروا للمثول بين يدي ناظر القضية قيل لهم ارجعوا وراءكم والتمسوا موعداً جديداً، لأن فضيلته مجاز أو مريض أو منتدب أو في دورة دراسية أو غائب في يوم الجلسة، فلا يجد المتقاضون بُداً من تسجيل موعد جديد لجلسة جديدة لعل وعسى!


ولأن وسائل الاتصالات الحديثة قد حَلَّت مثل هذه الإشكالات وبسهولة ويسر، فلماذا لا تُستخدم في إبلاغ المتقاضين على (جوالاتهم) بأن موعد الجلسة قد أُجِلَّ لأي عارض يعتري سبل عقدها، لأن القضاة بشر قد تعترضهم مثل غيرهم ظروف تحول دون حضورهم ومباشرتهم لأعمالهم في المحاكم، وفي هذه الحالة ترسل رسالة نصية أو (بالواتساب) أو غيره قبل موعد الجلسة بتأجيلها وأن موعداً جديداً سوف يُحدد ويُبَلغ للمتقاضين بالوسيلة نفسها بعد تنظيم مواعيد جلسات بالتنسيق مع ناظر القضية؟

انظروا إلى أجهزة وزارة الداخلية التي تتعامل مع ما يزيد عن عشرة ملايين وافد وأكثر من عشرة ملايين مركبة ومئات الآلاف شهرياً من تأشيرات الخروج والعودة والزيارة، ومع ذلك تُرسل بانتظام للمواطن والمقيم رسائل عن قرب انتهاء تاريخ استمارة سيارته وقرب انتهاء مدة إقامة مكفوله، وأن تأشيرة المغادرة والعودة تُوشك على الانتهاء وكذلك تاريخ جوازات السفر، فهل تعجز وزارة العدل عن توفير نظام مماثل لمحاكمها لإرسال رسائل قد لا تتعدى المئات يومياً على نطاق المملكة في حالة إلغاء جلسة في إحدى محاكمها، فلا يسافر الناس من مدينة إلى أخرى أو يتركون أعمالهم في المدينة أو المحافظة نفسها ليقضوا ساعات انتظار لجلسة حُدِدَّت لهم ليكتشفوا بعد ذلك أن القاضي لم يحضر وأن الجلسة أُجِّلت.. هكذا دون أي اهتمام بما يمثله ذلك من ضرر وإرهاق لأصحاب القضايا، وما يمثله من إهدار لأوقاتهم وصحتهم لاسيما المرضى وكبار السن منهم والنساء ومن يأتون من محافظات ومدن أخرى لوجود قضية لهم في المدينة التي تولت محكمتها النظر في القضية.

لقد خطت وزارة العدل من قبل خطوات جيدة في مجال تحديث العمل بكتابات العدل الأولى والثانية وفي أعمال المحاكم، فهل لها أن تُكَلِّف من تراه بعمل برنامج يُسهّل أعمال الإبلاغ، مستعينة في هذا المجال بالتجربة الناجحة لوزارة الداخلية.. أرجو ذلك!

mohammed.ahmad568@gmail.com