-A +A
مي خالد
قلنا في الأسبوع الماضي إن هناك أنواعا مختلفة من المثقفين، ومنهم المثقفون العضويون الذين نكاد نظن أنه نوع منقرض لولا أن حظنا في السعودية منهم كان عظيما ولله الحمد، مثقفون قاموا بالريادة والإصلاح في المجتمع حتى توفاهم الله. فلا أعرف اليوم من بين مثقفينا من هو مثل عبدالكريم الجهيمان -مثلا- الذي واجه سطوة المجتمع بخصوص تعليم البنات وقدّم عملا صحفيًّا جبارًا لايكاد ينجح فيه فريق من الصحفيين المحترفين إلى جانب مؤلفاته وجمعه لأساطيرنا الشعبية ومروياتنا، وسجنه فترة من الزمن، ثم اختتم حياته رحمه الله ببناء مبنى مدرسة حكومية أهداها للوطن رغم أنه لم يكن يوماً من الأثرياء.

وهناك المثقف الأكاديمي الذي غلب عليه الكسل وعجز عن إحداث تراكم معرفي إلا ندرة منهم مازالت تعمل على إحداث فرق معرفي وفكري في المجتمع. لكن «المثقف البديل» أزاح المثقف الأكاديمي وتفوق عليه وسدّ مكانه ورفع سقف الحريات بجرأة طرحه وبكونه هاويًا ليس محترفًا. وللهاوي امتياز على المحترف كامتياز سفينة نوح التي بناها نبي على اليابسة بناءً بلا خبرة سابقة فسخر منها قومه، لكن سفينته أنقذت العالم والتاريخ والبشرية. بينما سفينة التيتانك التي بناها مجموعة كبيرة من الخبراء والمهندسين غرقت بسبب لوح جليدي.


وحسب ما تقدم يمكننا أن نقول إن المثقف البديل لدينا في السعودية هو وسائل الإعلام بشقيها التقليدي والإلكتروني.

ويمثل الكاتب الصحفي وكاتب الرأي أحد أهم أركان هذا المعنى. لذا نرفض أن يكون مدجنا أو إرهابيا سابقا أو مؤدلجا أو بذيئا صاحب أطروحات رجعية كل همه أن ينتقص من مخالفيه وينتصر عليهم ويشي بهم لدى السلطة. وليس مهموما بتوعية الناس أو إصلاح الثقافة والمجتمع، وهو كذلك على علاقة موتورة مع الحكومة، فمرة مداهن ينافق طمعا في منصب أو وظيفة، ومرة مجيشًا للحشود العمياء ضد الحكومة. فهو يكتب بدافعين: إما خوفًا أو طمعًا.

لذا وجوابًا على من سألني هل أعتبر نفسي من هؤلاء المثقفين البدلاء؟ علينا نحن من داخل الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة أن نراقب عمل «المثقف البديل» بوصفنا أفرادًا في فريقه. وننبذ كل من يمارس تجهيل المجتمع أو تضليله أو يلعب على أوتار العنصرية والقبلية والمذاهب والتيارات الفكرية. وكذلك علينا أن لا نتنازل أمام أي قيمة أو مكاسب. ملتزمين بقيمة الوطن الواحد والمصير الواحد والموئل الواحد.

Mayk_0_0@

May_khaled@hotmail.com