-A +A
خالد صالح الفاضلي
اكتظت السجون «بالمديون»، وتحولت إلى ورقة بيد رجال مال وأعمال يهدمون بها بيوتا، ويحطمون حياة مواطن، بينما تم إحراق غالبية وقت وجهد «مراكز الشرط، والمحاكم» في ملاحقة قضايا مالية، أغلبها أقل قيمة من تكلفة تدفعها الدولة لتحصيلها.

تقوم الأسواق على الأعراف والأخلاق، يأتي تطبيق القانون ثالثاً، وعندما تم تقديم القانون أولاً سقطت الأخلاق والأعراف، وباتت التجارة «تربصا»، خديعة، وتحايلا، (جزء من فلسفة الإقراض البنكي مبني على ذلك، بينما تمارس مكاتب التقسط - دكاكين الربا - جرائم أكبر)، حتى أصبحت «لعنة الديون» مصبوبة على رؤوس غالبية السعوديين.


نحتاج وضع حد أدنى لحجم الدين المستوجب تدخل الدولة لتحصيله، (سأقترح مليون ريال)، على أن يتم استقطاع جزء من المبلغ (نسبة 30%) كتكاليف تحصيل، تنفقها الدولة على تحسين أدواتها في إجراءات التحصيل، وتنفق البقية على برامج رعاية أسرة المديون السجين، شريطة أن يكون السجن الخيار الأخير بعد اتخاذ خيارات «مصادرة ممتلكات» شخصية، أو أصول تجارية للمتهم بتلاعب مالي، ففقير طليق أفضل من سجين ثري.

يوجد في سجوننا أثرياء، بسبب قضايا مالية، بعضهم يدير ثروته من زنزانته، يجب ملاحقة ثروتهم، ومعاقبة الحاضنين لها، والعاملين عليها، فتكلفة «تدليله» في السجن تلتهم مالاً عاما لا يجب إهداره على ثري سرق من ثري، كما لا يجب أن تركض الدولة نحو سجن فقير من أجل ثري، (فشركات بيع السيارات بالتقسيط منحت سجوننا ملايين السنين من أعمار شبابنا)، وثمة نماذج مماثلة.

يحسن بنا «كحكومة وأسواق» عدم قبول مطالبات مالية تقل عن مليون ريال، كذلك الإسراع بإخراج كل من تم سجنهم مقابل مال أقل، وتحويلهم على مسار العقوبات البديلة، لتخفيف «تخمة السجون»، وإجبار الأسواق على استعادة أخلاقها وأعرافها، وتفريغ أوقات وجهود «مراكز الشرط والمحاكم» لمهمات أكثر نفعاً للبلاد والعباد، كما أن ذلك سيحفظ لخزينة الدولة مئات الملايين من الريالات سنوياً، يتم إنفاقها لتعزيز ثروات عدد محدود مقابل سداد ديون أعداد غير محدودة تتوافد على السجون وكأنها مزار.

يجب منع شركات ورجال مال من الاستمرار بتصدير مواطنين إلى السجون، نحتاج إعادة هيكلة كامل الطرق المالية (الإقراضية) المنتهية بسجن، ورفع سقف رقم المديونات المقبول دخولها في دائرة «استحقاق العقاب»، وعدم ترك العلاقة الإقراضية ذات محور ثنائي فقط (الدائن والمدين)، ولا اعتراف بقانونية العملية الإقراضية ما لم تكن مسجلة لدى محام، أو محكمة، أو مراكز حكومية يتم تخصيصها لغاية المراقبة والتوثيق، مع تكراري للإشارة بأن ما يكون أقل من مليون ريال لا يستحق تدخل الدولة.

يأتي أعلاه كمقترح لحماية المال العام، وتنقية المجتمع من حزم متاعب نفسية، اجتماعية، وتنموية تنتج عن زج فقير في سجن من أجل «شراء خاطر ثري»، فحماية رأس مالنا البشري، أهم بكثير من حماية مال «ثعالب الاقتصاد»، القائمين ببيع المال مقابل المال، خاصة دكاكين التقسيط، وبقية مسارب التمويل خارج دائرة البنوك، وأدوات التضييق على الناس وفي مقدمتها «سمة»، القائمة السوداء، السوداء فكراً وتنفيذا.

jeddah9000@

jeddah9000@hotmail.comm