-A +A
محمد الساعد
يقال إن الحمق قتال، لكن غرور المال هو الأكثر ضررا عند من لا يحسن استخدامه، وإذا اجتمع الحمق مع الغرور فهو الكارثة بعينها، قطر تعاني من غرور المال ومن سفه ما يرتكبه محدثو النعمة، ولذلك فتصرفاتها لا تخرج عن «غر» ثري يظن أنه قادر على حل مشكلاته بالمال.

الدوحة كطفل صغير أعجبت بمنصب أمين عام اليونسكو فقررت شراءه، أعجبت بكأس العالم وقررت استضافته، وفي الطريق إلى ذلك قدمت الرشاوى للأحياء والأموات رغم انعدام المقومات لديها، فلا شعب ولا تاريخ رياضيا ولا أجواء مناسبة.


اليوم تدفع قطر فواتير تنظيم الحمدين، ألم يقرروا ذات يوم أن يحكموا العالم العربي، فسخروا له نصف تريليون دولار ذهبت هباء منثورا.

ألم يقل تميم في خطابه الكارثي الذي ألقاه عشية أزمته مع الدول المناهضة للإرهاب، إن الدوحة قادرة على إنهاء حكم الرئيس الأمريكي ترمب، لقد وصل الغرور بدولة ليست سوى نتوء ترابي في الجزيرة العربية إلى التوهم أنها قادرة على تغيير رئيس أقوى قوة عظمى في العالم، برشاوى لبعض أعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام ومتحدثين في القنوات الأمريكية.

الأخبار القادمة من قطر تقول إن الهزائم تلو الهزائم تلحق بسياساتها وطموحاتها، وسنذكر في ما يلي جردة حساب لأربعة أشهر من خسائر قطر المتتالية..

أولا.. خسرت قطر محيطها الخليجي كما خسرت خلال سبع سنوات أشقاءها العرب، خاصة الشارع السعودي الذي كنسها من حياته بعدما ضللته وحاولت احتلاله بمساعدة الحركيين والإخوان وبعض الخونة، عندما اكتشف السعوديون مدى عداء الدوحة لوطنهم وقادتهم وما حاكته من مؤامرات طوال 20 سنة، تسببت في خسائر وأرواح بدعمها للإرهاب الذي ضرب المدن السعودية منذ العام 2003 وخيانتها للحرب مع الحوثيين.

ثانيا.. خسارة دولية موجعة، فقد أصبحت سياسات الدوحة المالية تحت الرقابة الدولية، ولا تستطيع أن تمد أياديها «القذرة» بالسلاح والمتفجرات والأموال للجماعات الإرهابية، ولا أدل من ذلك تراجع الإرهاب في ليبيا والصومال والعراق، جبهة النصرة تكاد تتلاشى وداعش تموت، والجماعات المقاتلة في ليبيا تهرب للصحراء والليبيون يستعيدون عافيتهم، حتى الصوماليون ينعمون لأول مرة بأشهر من السلام بعد سنوات من الإرهاب والضياع.

ثالثا.. خسائر اقتصادية فادحة لحقت بمجتمع المال والأعمال والبورصة القطرية، فكبار تجارها يتباكون على شاشات التلفزيون، وبنوكها إما تباع أو تعرض للبيع السريع، ومحافظها الاستثمارية يتم تسييلها لردم الهوة السحيقة التي وصل إليها اقتصاد الحمدين.

رابعا.. تآكل شرعية النظام وانتقالها لشرعية أخرى ولدت من رحم العائلة الحاكمة في الدوحة، بصعود نجم الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، الذي استطاع أن يستحوذ على قلوب ومشاعر القطريين برجاحة عقله وحنكته والتفافه حول أشقائه الخليجيين، ولن ينسى القطريون وقفته مع أبنائه من الحجاج الذين سعى في ترتيب أوضاعهم لدى خادم الحرمين الشريفين الذي استجاب سريعا له.

خامسا.. انكفاء قطر على نفسها بعدما كانت دولة مهاجمة في الإقليم والخليج العربي، وتحولت بسبب سياساتها إلى عاصمة مقاطعة تبحث عن حلول في كل بلاد الدنيا كالمطلقة التي تبحث عن محلل للعودة إلى الخليج.

سادسا.. خساراتها الدولية المتتالية، لعل أبرزها كشف جرائم الرشاوى التي بذلتها كعادتها للحصول على حقوق النقل التلفزيوني للدوريات الأوروبية وكأس العالم، وإيقاف رئيس قنوات بين سبورت من قبل الفيفا وملاحقته مع المرتشين الأوروبيين من قبل السلطات الأمنية السويسرية والفرنسية، لقد وصل الحال بالقطريين لتجهيز فلل وقصور في سردينيا الإيطالية سرية تهدى للمسؤولين الأوروبيين ليقضوا فيها لياليهم الملاح.

سابعا.. انهيار الأوهام القطرية التي ظنت أن أموال الغاز الحرام لا تزال قادرة على تحقيق انتصارات واهية في المحافل الدولية، ولا أدل من ذلك الخسارة الفادحة والفضيحة الكبرى بخروج مرشح الدوحة لمنظمة اليونسكو أمام فرنسا بلد النور والتحضر، بينما استندت قطر في مبررات ترشحها إلى تاريخ سوق واقف الذي بني قبل ست سنوات ويباع فيه الأبازير واللبان الشامي.

لقد كان المشهد سرياليا خلال 120 يوما قضتها الدوحة في محاولات عبثية لإثبات تفوقها على السعودية وشقيقاتها، لقد فهمت الرسالة خطأ، فالسعوديون والإماراتيون والبحرينيون والمصريون لا يخوضون معركة تفوق أمام الدوحة، بل كانت محاولة لإيقاظ الضمير القطري لعل أحدا في الدوحة يستطيع أن ينقذ البلاد والعباد من احتلال عزمي بشارة والقرضاوي وشرورهما العابرة للخليج والعالم.