-A +A
أنمار مطاوع
إدارة القطاع الكبير -أيا كان- يصاحبها دائما لوازم سلبية تواجه القائم عليها. فالقطاعات الكبيرة يكوّن حولها مستفيدون كبار، لا يتركون القائم عليها يعمل للمصلحة العامة. تلك اللوازم هي المصالح الذاتية التي تعيق المسؤول عن القيام بعمله، وهي تنشأ من ثقافة الاسترباح والرغبة في الاستزادة. وهذه الثقافة تفتح طريق الطمع المعبّد بالأنانية والحسد والتنافس غير الشريف.. فتزول الأهداف النبيلة، ويزول خوف الله، وتزول المصلحة العامة.. ولا يبقى من جدول أعمال المسؤول إلا القليل للتنفيذ.. أما الآمال الكبيرة فتواجه بالمعوقات المسكوت عنها.

الميزانيات العالية التي ترصد لبعض المشاريع، على سبيل المثال فتح خط سريع، نسبة كبيرة منها لا تكون من قيمة المشروع الفعلية، ولكن من قيمة العقارات التي يمر بها المشروع، أو السمسرة الخفية، أو المواصفات الوهمية التي تضاف للعقود لتزيد من قيمتها الصورية. فنفس تلك المشاريع تقام في دول إقليمية قريبة أو بعيدة نقرأ عنها في وسائل الإعلام الرسمية وعن تكلفة إقامتها، ونجد أن أرقام التكلفة أقل بكثير من أرقام المشاريع التي يعلن عنها محليا. وبالتالي تتوقف بعض المشاريع، لأن تكلفتها أساسا غير منطقية.


وزارة الإسكان ليست بعيدة عن هذه الصورة، فأزمة الإسكان هي أحد هواجس الوطن، صغاره وكباره، شبابه وشيوخه، رجاله ونسائه. الكل يبحث عن حل للإسكان. والوزارة ستظل معضلة أمام كل وزير، فالطموحات والآمال لن تتحقق إذا ظل أصحاب المصالح الخاصة يضغطون على كل مشروع من مشاريع الوزارة ليأخذوا نصيبا من مكاسبه ويستغلوا الواقع بكل أشكاله. نسبة من يريد سكنا تزداد سنويا، والوزارة بهذه الخطى الرتيبة لن تحل واقعا متأزما. هي فقط تطلق الوعود، التي ملها الشارع العام أساسا، ولا تحقق على أرض الواقع ما يشفع لها أو يبشر بأنها تسير في الطريق الصحيح.

المعضلة الحقيقية في أزمة السكن؛ كما هي في بعض الأزمات الأخرى، هي أصحاب المصالح الخاصة -كأفراد أو كمؤسسات- الذين يضغطون للاسترباح من خلف المشاريع، ويقفون حجر عثرة أمام أي مشروع لا يكون لهم فيه نصيب من المكسب (حلالا كان أم حراما).