-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
التغير في حياة البشر سنة كونية منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، ولولا ذلك لما عاشت البشرية هذا التطور الهائل بما له وما عليه، وهو نتاج العقل بالابتكارات والاكتشافات، ولولاها أيضا لكان سكان الأرض اليوم في عصرهم الحجري الأول، ومع كل تطور تظل إرادة الإنسان والمجتمعات هي من يقرر طبيعة التفاعل معه والاستفادة منه بتعقل ووعي.

بلادنا حققت من التطور التنموي الكثير، لكن عادة هناك من يرفض التغير وينتقد بسلبية، ومن يتوجس ويضخم هواجسه، ومع ذلك تخطى المجتمع محطات كثيرة بحكمة القرار وشجاعته، مع يقين أصحاب النظرة الثاقبة بأن ما كان مرفوضا يصبح طبيعيا ومرغوبا مع مرور الزمن، بل ويصبحون جزءا من هذا التغير. المهم هو حسن الاستفادة والاستخدام الأمثل، وتلك هي قضية حاضرة في كل وقت ومع كل تطور، فالعيب ليس في الوسيلة، إنما في سوء استخدامها، وهذا أمر حاصل مع الإنترنت بين من يجني إيجابياته ومن يضّيع عقله ووقته وأخلاقه وواجباته.


إذا أخذنا الحالة المستجدة وهي قرار السماح بقيادة المرأة للسيارة لنسأل: كم من الأسر تحتاج إلى قضاء مشاوريها بنفسها من وإلى مدارس الأبناء، وكم من النساء يعملن ويحتجن الوصول بأنفسهن؟ يعني كم عدد السائقين ومشكلاتهم وتكلفتهم وقد كثر الحديث عن ذلك، ولماذا لم نعتبر الاستعانة بالعمالة المنزلية لعشرات السنين تغيرا، وعندما تنتفي الحاجة ونقضيها بأنفسنا تخرج أصوات ناعقة بهواجس وربما إساءات، وكيف تكون الاستعانة بالسائق سدا للذرائع وأن قيادة المرأة للسيارة بابا لها، مع أن العكس هو الصحيح أن تكون الأسرة على راحتها والمرأة تكتسب حقها، خاصة وأن اليوم 60% من المجتمع شباب من الجنسين، وهم وهن أقدر على الاعتماد على أنفسهم، ووقوع حوادث فردية لا سمح الله يعني أن القيادة الذكورية للسيارة ليس فيها أخطاء وضحايا.

نموذج آخر هو السياحة، كم من المليارات أنفقها السعوديون في الخارج مع اليقين أن السياحة تبادلية عالمية ولا توجد دولة تكتفي بسياحتها الداخلية، واليوم مع انطلاقة صناعة السياحة الترفيهية النظيفة والسياحة التاريخية الواعدة تضبط السياحة لدينا بوصلتها على مستقبل طموح لجذب سائحين من الخارج أكثر وأكثر، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل للجنسين في هذا القطاع سريع النمو لتنال بلادنا نصيبا أكبر من حركة السياحة الخارجية ونجاح أكبر داخليا.

الناس يبحثون عن الأفضل والأكثر راحة والجديد، كما أن التغيرات الاقتصادية وأعباء الحياة تلقي بصعوبات على الرجل خاصة الشباب في طموحه للزواج وبناء أسرة، وبالتالي زيادة دخل يمكن أن يضيفه نصف المجتمع، فلماذا لا نعين المرأة على حقها وسهولة التنقل براحة وكرامة لها ولأسرتها.

مثل هذه الأمور تحتاج إلى تكامل الرؤى والفهم الصحيح، فإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات، فكيف بما ليس بالمحظور بقدر ما هو تقاليد يبتعد البعض عن جوهرها، بينما الدنيا تتغير ونحن جزء منها ولا مجال لمحظورات لا يحرمها الشرع، المهم هو الالتزام في كل الأحوال، وما دون ذلك فالكلمة للأنظمة والتعليمات والعدالة في نهاية المطاف على الجميع ولصالحهم. وهكذا تتقدم المجتمعات مهما كانت المطبات، وتلك هي معادلة التطور وثقافة الحقوق والواجبات، فأعينوا بوعي وعقل على أمور المجتمع بعيدا عن التشكيك والمثبطات وجدال عقيم، بل إرادة إيجابية والتزام وهذا يبدأ من أنفسنا أولا.