-A +A
عبده خال
عندما يتحدث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في روسيا عن فصل مجموعة من أئمة المساجد المتطرفين رافضا استمرار ضخ الكراهية بين الناس، إنما يؤكد أن بلادنا تقشع عن جلدها خطابا دينيا غطى على سمو الدين وجوهر الحب الذي جاءت به الرسالات السماوية عبر الأزمان...

والدراسات المتتبعة لأصول الأديان وتطورها تكشف أن المنتفعين -عبر التاريخ- يبدلون ويغيرون في التشريعات بما يحقق لهم مكاسب دنيوية، وهؤلاء المنتفعون يتحولون إلى سلطة يصعب اختراقها، إذ إنها تصبح المانحة والمانعة لكل ما هو دنيوي باسم الله.. ومع مرور الوقت يصبح مجابهة هذه القوى السلطوية بحاجة إلى مقدرة ذاتية تؤمن بوجودها في الاختيار.. ومفردة الاختيار هي المفردة التي تقض مضاجع المتكسبين بالدين، إذ لا خيار مع التعاليم التي يسنونها بما يحقق مصالحهم، وهو الأمر المغاير لما أراد الله أن يكون عليه خلقه من حرية العيش دينيا وسلوكيا..


وثقافة الكراهية أضرت كثيرا بالدين، وبدلا من التبليغ تحول الكارهون إلى وسيلة إجبار لاتباع الآراء الفقهية التي لم تؤسس لأحكام قابلة للنقض وقابلة للمراجعة..

وكثير من الأحكام الفقهية الملتبسة في تفسيرها مثل (الولاء والبراء والردة وبلاد إسلام وبلاد كفر و... و...) قد حولت الدين إلى إجبار يستوجب محاربة المغاير وتصحيح معتقدات الموافق، فحدث تصدع بين فكرة الرسالة كجوهر وبين الفقه كآراء شخصية..

والآن وفي هذا الزمن يمكن القول إن محصلة الآراء الفقهية أدت إلى أضرار جسيمة تم إلحاقها بالدين الإسلامي كدين محرض على الكراهية ونبذ الآخر، وأحيانا إلى تصفيته جسديا...

وإذا آمنا أن الدين هو وسيلة محبة يصبح لزاما معاودة قراءة المعاش وتثبيت فقه الواقع، فكل الأديان السماوية جاءت من أجل التوحيد والعمارة.. فكيف بأناس لا يثمنون إرادة الله ويقدمون إرادتهم على ما أراد الله..

الله هو السلام وحين تكون التحية هي السلام عليكم ينتفي معها أي كره أو إقصاء أو تدمير، ليحل الأمان والمحبة... ومحاربة أصحاب الكراهية يغدو واجبا دينيا وحياتيا ونصرة لدين الله..

هذه الحقيقة ما لم يؤمن بها بعض الدعاة والوعاظ والخطباء فلن يكون هناك تغير من ثقافة الكراهية إلى ثقافة الحب، بل سوف نظل في حالة تناسخ للكارهين والباحثين عن دمار البشرية.