-A +A
عزيزة المانع
رغم إدماني القهوة وولعي بها، إلا أنه آخر ما كان يخطر ببالي أن يكون هناك يوم عالمي يخصص للاحتفاء بالقهوة! لقد فوجئت بإعلان المنظمة الدولية للقهوة عام 2015، عن تخصيصها اليوم الأول من شهر أكتوبر ليكون يوما عالميا للقهوة!

أعترف أني للوهلة الأولى بدا لي الأمر سخيفا، ومثيرا للسخرية فما جدوى تخصيص يوم من كل عام يحتفي فيه العالم بالقهوة!


لكني حين مضيت أتقصى الحدث وما يقف وراءه، وجدتني أغير رأيي تماما حول هذا اليوم. فحسب ما تقوله المنظمة الدولية للقهوة، الهدف من إطلاق اليوم العالمي للقهوة هدف اقتصادي إنساني، فالغاية هي دعم تجارة البن الدولية من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية في بعض دول العالم الثالث، التي تعتمد في اقتصادها بشكل رئيسي على صادراتها من البن، خصوصا أن تجارة البن لها أهمية اقتصادية كبيرة وتعد من السلع الدولية الكبيرة التي تخضع لاتفاقات بين الدول.

وغني عن القول إن دعم صادرات الدولة من البن الذي تنتجه، ينعكس أثره رخاء على حياة مزارعيها العاملين في حقول البن.

القهوة تكاد تكون الشراب الوحيد الذي تجمع على تناوله النسبة الأكبر من سكان العالم، فرغم ما يقال عن أضرار القهوة كالتسبب في رفع ضغط الدم أو زيادة حموضة المعدة أو كثرة تدفق هرمونات الانتباه التي ينجم عنها التوتر والقلق أو غير ذلك، إلا أن أغلب الناس لم يستطيعوا قطع علاقتهم الحميمة بالقهوة.

وتذكر بعض المصادر (والعهدة عليها) أن علاقة الناس بالقهوة بدأت على يد راعي أغنام يمني، لاحظ أن أغنامه يعتريها النشاط بعد أن ترعى بذور البن، فجرب تناولها كما تفعل غنمه، فأعجبته النتيجة، ومنذ ذلك اليوم نُسجت أقوى الوشائج بين الناس والقهوة.

لكن بعض المؤرخين للقهوة، يقولون إن أول من عرفها الأحباش، وإنها انتقلت منهم إلى اليمن ومنها إلى بقية الجزيرة العربية، وفي القرن السابع عشر الميلادي انتقلت من العرب إلى أوروبا ولم تصل أمريكا إلا أخيرا.

على أية حال، ولع الناس بالقهوة واستمتاعهم بها، لم يكن ليدوم طويلا، إذ ما إن لاحظ بعض محبي تنغيص اللذات، استمتاع الناس باحتساء القهوة، حتى بادروا إلى إنكار ذلك عليهم، مدعين أنها تفعل بعقولهم فعل الخمر فتذهب بها، فحاربوا القهوة وحرموا احتساءها، إلا أن حب الناس للقهوة ما لبث أن انتصر، فاستسلم المناهضون وأذعنوا، ثم سرعان ما انضموا هم أيضا إلى زمرة المحتسين لها، (كما هي الحال في أمور أخرى غير هذه).

استمتاع الناس بالقهوة دفع بهم إلى التفكير في إنشاء مكان خاص لاحتسائها أطلقوا عليه اسما اشتقوه من اسمها، فأسموه (مقهى). ويقال إن أول مقهى يعرفه عشاق القهوة كان في مدينة إسطنبول في القرن الخامس عشر للميلاد، ثم انتشر افتتاح المقاهي كالشرر، حتى إذا ما وصل العالم القرن السابع عشر للميلاد كان هناك أكثر من ثلاثة آلاف مقهى في مدينة لندن وحدها.

أرجو لكم قضاء يوم بهيج مع فنجال من القهوة.

azman3075@gmail.com