-A +A
محمد أحمد الحساني
قبل ما يزيد على خمسين عاماً كان عدد الحجاج القادمين من الخارج لا يتجاوز ثلاثمائة ألف حاج، ولما وافق الوقوف بعرفات «يوم جمعة» حيث توجد روايات بأن حجة يوم الجمعة تساوي أجر سبعين حجة، تضاعف العدد في ذلك العام حتى جعلت إحدى الصحف المحلية، ولعلها جريدة البلاد، العنوان الرئيسي لصفحتها الأولى هو: الحج حجان! لأن أعداد الحجاج زادت على خمسمائة ألف حاج، أي ربع العدد الحالي.

وعلى الرغم من قلة أعداد ضيوف الرحمن في تلك الأعوام فقد كان دخول حافلات التصعيد يستغرق عشر ساعات لقطع ثلاثة كيلات نظراً لعدم وجود شوارع وارتكاز خطة التصعيد على «نقطة محمود» من حي جرول، ومحمود هذا له قصة أخرى لا يتسع المجال لذكرها.


ولأن جهات الاختصاص توقعت في حينه زيادة أعداد الحجاج إلى عدة أضعاف، فقد بدأ الاستعداد مبكراً بفتح مزيد من الطرق والشوارع وشق الأنفاق في جبال أم القرى، فأصبح دخول الحافلات لا يستغرق أكثر من ساعة وربما نصف ساعة لكي تصل إلى مقار الحجاج مساء وصباح التصعيد إلى منى لقضاء يوم التروية، ولنا أن نتخيل كم سيكون الوقت اللازم لوصول الحافلات إلى مساكن الحجاج لو لم تنفذ مشاريع الأنفاق والشوارع الجديدة ما دام أن ربع أعداد الحافلات في ذلك الزمان كان وصولها يحتاج لعشر ساعات؟

هذه المقدمة أراها ضرورية ومهمة جداً لدحض حُجج من يرون أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، لاسيما أن رؤيتهم لا تساير النظرة الطموحة «للرؤية» التي تخطط لرفع أعداد المعتمرين إلى مليونين وخمسمائة ألف معتمر شهرياً وعدد الحجاج إلى خمسة ملايين ليصبح مجموعهم ثلاثين مليونا سنوياً.

ولذلك فإن تنفيذ رؤية «2030» يحتاج أن نستعد من الآن لجعل أم القرى قادرة على استقبال الأعداد المستهدفة من الحجاج والمعتمرين وذلك بتبني ما يلي:

أولاً: البدء في بناء كامل مسطح منى وليس جباله فقط ليستوعب براحة تامة خمسة ملايين حاج بحيث يسلم المشعر للمستثمرين «تدريجياً» لبنائه واستثماره لمدة يتفق عليها ثم تُعاد المباني مصانة إلى الدولة، ويوجد قرار من هيئة كبار العلماء يجيز البناء، وقرار صادر من مجلس الوزراء.

ثانياً: مضاعفة السعة الاستيعابية لمشعر عرفات، فإذا كان المشعر يتسع في الوقت الحالي لوقوف ثلاثة ملايين حاج فلا بد من دراسة جعله يستوعب ستة ملايين حاج وهو أمر سهل تصوره هندسياً من قبل أصحاب الفطنة من المهندسين.

ثالثاً: الانتهاء من عمل شبكة متطورة للنقل الجماعي تربط جميع أنحاء العاصمة المقدسة بعضها ببعض، من مترو أنفاق وحافلات وسيارات أجرة وقطارات كهربائية، وفق ما هو موجود في المدن الكبرى في العالم المتحضر التي نراها ونستخدمها في سياحتنا ونُبدي الإعجاب بها ثم لا نُـنفذ مثلها في بلادنا!

رابعاً: توسعة طاقة شبكة الكهرباء وإنشاء مزيد من محطات تحلية المياه لخدمة عشرات الملايين من الحجاج والمعتمرين.

خامساً: إنشاء المزيد من الأبراج السكنية والأسواق السياحية والمطاعم والخدمات الأخرى المساندة ودعم القدرات الأمنية والمروية واستخدام الوسائل الحديثة في المراقبة والمتابعة لضمان تنفيذ الخطط المعدة لخدمة ضيوف الرحمن.. وبالله التوفيق.

mohammed.ahmad568@gmail.com