الانتقادات تطال ازدواجية المعايير، فيما يعتقد آخرون أن لـ  «الإسلاموفوبيا» دوراً في ترسيخ الازدواجية.
الانتقادات تطال ازدواجية المعايير، فيما يعتقد آخرون أن لـ «الإسلاموفوبيا» دوراً في ترسيخ الازدواجية.
-A +A
عبدالرحمن باوزير A_Bawazier@، عبدالله الداني (جدة) aaaldani@
طرق الكاتب الأمريكي توماس فريدمان السؤال الأكثر تداولاً بين الجاليات المسلمة في الولايات المتحدة والقارة العجوز، إذ دحرج مقالة في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، مرر فيها السؤال الكبير «ماذا لو كان ستيفن بادوك (منفذ أبشع عملية قتل جماعي في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر) مجرد مسلم؟». السؤال الذي طرحه فريدمان في مقالته –المنتقدة ازدواجية معايير المشرعين الأمريكيين وردة فعل الرئيس الأمريكي- يدور في أذهان ملايين المسلمين في الغرب، ومع كثير منهم الإرهاب المستند على «فهم متطرف» للدين الإسلامي، إلا أنهم يرون في اعتماد وصف الجريمة بأنها «إرهابية» على الدين أمر مثير للسخرية. وساد جدل واسع في الأوساط الإسلامية والباحثين في الولايات المتحدة الأمريكية بعد حادثة لاس فيغاس التي أودت بحياة 59 قتيلاً وخلفت أكثر من 500 مصاب، إذ انتقد الكثير تعامل الساسة الأمريكيين ووسائل الإعلام مع الحادثة التي ظلت تتأرجح بين السؤال «هل هي حادثة إرهابية أم لا؟».

في المقابل يرى آخرون أن الجريمة الإرهابية تأتي من دافع معتقدي أو عرقي، ولا يجد «الجنون» والعوامل النفسية الأخرى مكاناً بينهم.

وتساءل فريدمان ماذا سيكون رد فعل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والمشرعين في الكونغرس في حال كان مُطلق النار مسلماً أو يتبع تنظيم «داعش» الإرهابي؟ وانتقد بحدة التشريعات الأمريكية الخاصة باقتناء الأسلحة التي سهلت عملية ارتكاب مثل هذه المجزرة.

انتقادات ازدواجية المعايير في الدول الغربية عززتها حوادث إجرامية نفذها غير مسلمين، ويخفي منتقدو الازدواجية تعامل الساسة ووسائل الإعلام مع حوادث عدة، كجريمة قريق ستيفن هيكس في فبراير 2015 الذي قتل ثلاثة طلاب مسلمين في تشابل هيل بولاية كارولاينا الشمالية. ولم تمر الجريمة بهدوء، إذ شهدت مواقع التواصل الاجتماعي ومدونات نقداً لاذعاً لحالة ما يشبه الصمت حيالها. ولا تنسى «القارة العجوز» جريمة أندرس بهرنغ بريفيك (اليميني المتطرف) التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 85 في النرويج في يوليو 2011 بعد أن أطلق النار بشكل عشوائي على مجموعة مراهقين من شباب الحزب الحاكم في جزيرة أوتايا، وبرز حينها السؤال ذاته «ماذا لو كان بريفيك مسلماً؟ كيف ستكون ردة الفعل الرسمية على مستوى الدول الأوروبية وواشنطن، والمشرعين؟». وبالنظر للثلاث جرائم المفجعة، التي كان منفذوها متعصبين من غير المسلمين في حال كان الفاعلون مسلمين، وبمقارنة ردود الأفعال من الجرائم التي يقف خلفها متطرفون مسلمون، تعزز فرضية التنديد العالمي والتحرك السريع لسن تشريعات تحد من قدرة المجرمين على تكرار فعلتهم، وكان سيبحث المشرعون قوانين الهجرة من جديد، وستكون البلاد كلها مترقبة للاجتماعات العاجلة والطارئة، في حين أن كل ذلك لم يحدث، ما دفع توماس فريدمان من انتقاد ردة فعل المشرعين حيال القضية الأكثر جدلاً في أمريكا «قانونية امتلاك الأسلحة عند المدنيين».

معايير مزدوجة تعتمد على هوية الجاني



وينتقد ممثلو المؤسسات الإسلامية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ما يسمونه «ازدواجية في المعايير»، عند التعاطي مع الجرائم الإرهابية، فعندما يكون المجرم مسلماً تكبر ردة الفعل، فيما تتوارى ردات الفعل «ذات الصوت المرتفع» عندما يكون المجرم من غير المسلمين.

ويرى أحد العاملين في مؤسسة إسلامية في واشنطن أنه أضحى على الساسة والمشرعين في الكونغرس إضافة إلى بعض وسائل الإعلام أن ينتظروا تحديد هوية الجاني حتى يحددوا موقفهم!.

ويؤكد وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية الدكتور إبراهيم الميمن لـ«عكاظ» أنه لا ينبغي أن يكون التعاطي مع هذه الجرائم بمعايير مختلفة «فالموقف الثابت لا يمكن أن يتأثر بالعواطف أو بالمعطيات السياسية أو أي أبعاد يمكن أن تؤثر على الواقع».

وينتقد رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الدكتور عبدالله بن منصور في حديثه إلى «عكاظ» التمايز في توصيف الجرائم، مضيفاً: «لو قام بالعمل الإرهابي مسلم لقامت الدنيا ولم تقعد، وإذا كان غير مسلم فإنهم يتهمونه بالجنون والمرض النفسي».

من جهته، يشير الأمين العام لمجلس المنظمات الإسلامية الأمريكية المهندس أسامة جمال إلى أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن أغلب منفذي الجرائم الإرهابية في الولايات المتحدة من غير المسلمين.