-A +A
عزيزة المانع
رغم أن السلاح النووي ليس جديدا على العالم والدول العظمى تملكه منذ عقود طويلة، إلا أن العالم لم يشعر بالهلع والقلق خشية أن تحل به كارثة نووية تدمره، إلا هذه الأيام بعد أن باتت الأسلحة النووية متاحة لكثير من الدول الصغرى، التي تصنف دولا من العالم الثالث، فهذه القوة المدمرة لم تعد حكرا على الدول العظمى كما كان الأمر في السابق.

تصنيف بعض الدول ضمن العالم الثالث يجعلها، في مفهوم العالم، غير كفؤ لأن تمتلك سلاحا نوويا بالغ الخطورة، فامتلاك هذا السلاح حق خاص بالدول العظمى وحدها، لأنها دول (عاقلة) و(رشيدة) ومن المتوقع أنها لن تستخدم تلك القوة المدمرة سوى في الحالات القصوى التي تضطرها اضطرارا إلى ذلك، ومن هنا فإن امتلاكها السلاح النووي لا يقلق العالم ولا يراه مهددا أمنه وسلامته.


أما دول العالم الثالث فأمرها يختلف، هذه الدول لا تملك حكمة ولا تعقل ورزانة الدول العظمى، وهي متى تمكنت من امتلاك قوة نووية، دمرت العالم وأهلكت ما فيه من حرث ونسل فلم تبق منه شيئا.

انتشار السلاح النووي لدى أغلب دول العالم، يخلق بينها توازنا في القوى يبعد عنها شبح الحرب، لكن إن اشتعلت الحرب، تحول الأمر فيما بينها إلى مسألة حياة أو موت، إن لم تكن مسألة عزة وسيادة، فيأخذ القلق يفترس كلا منها خشية أن يسبقها العدو إلى استخدام السلاح النووي، فتهلك.

اشتداد القلق وتعالي وتيرة الخوف من سبق العدو إلى استخدام قوته النووية، قد يدفع بالدولة إلى المبادرة باستخدام سلاحها النووي خشية أن تكون هي الضحية.

في الحرب النووية، من يسبق إلى استخدام القوة المهلكة، يضمن لنفسه البقاء، لم يعد الأمر مجرد سباق نحو التسلح النووي، وإنما سباق نحو المبادرة إلى استخدامه، من يسبق يغلب، ومن تكون له الضربة الأولى ينجو.

وما دام الأمر كذلك، فإنه ليس هناك ما يضمن أن الدول العظمى لن تستخدم أسلحتها النووية متى اندلعت الحرب وأحست باحتمال هزيمتها، فالتاريخ يشهد أن أمريكا لم تبال بالتضحية باليابان عندما رأت اقتراب هزيمتها، وبادرت إلى تدميرها بقنابلها النووية في سبيل أن تكسب الحرب وتحقق النصر.

السلاح النووي، شر مستطير، سواء ملكته دول عظمى أو دول صغرى، ولا نجاة للعالم من هذا الشر إلا بأن ترضخ جميع دول العالم العظمى والصغرى للاتفاق على نزع هذا السلاح والتخلص منه فلا يستأثر بعضها بالاحتفاظ به دون الآخر.

إن ما يدفع بالدول الصغرى إلى امتلاك قوة نووية هو رغبتها في امتلاك قوة ثقيلة تضمن تعادل القوى في العالم وعدم رجحان قوة دولة على الأخرى، فالدول كالبشر، متى امتلكت القوة طغت، ولا خلاص من طغيانها إلا بأن تعرف أنها ليست القوة الوحيدة في العالم.