-A +A
حمود أبو طالب
قلة من أعضاء مجلس الشورى تبنوا ملف تمكين المرأة من القيادة، نذكر من السابقين الدكتور محمد آل زلفة الذي واجه الكثير من المتاعب بسببه داخل وخارج المجلس، ولكن في الفترة الأخيرة برز ثلاثي المجلس النسائي، لطيفة الشعلان وهيا المنيع ومنى آل مشيط، في الإصرار على دعم الملف بكل ما أوتين من حجة وشجاعة وصبر على مراوغات المجلس وتسفيه بعض أعضائه لهن واستعداء شريحة المتشددين في المجتمع عليهن. ولا يمكن أن ننسى المرافعة التأريخية للدكتورة لطيفة عن حق القيادة للمرأة نهاية الدورة السادسة، التي تستحق بامتياز أن تكون وثيقة هامة في تأريخ مجلس الشورى.

لذلك، لا بد من تسجيل إكبارنا وتقديرنا لدموع لطيفة الشعلان وهي تتحدث لإحدى الفضائيات بعد صدور الأمر الملكي، لأنها لحظة الحصاد والنصر بعد كفاح وصبر طويل. لكن هذه السيدة النبيلة الشجاعة لم تترجل عن صهوة مسؤوليتها بعد صدور الأمر، فقد أشعلت مجلس الشورى في الجلسة التالية بهجوم عنيف على أداء المجلس -كما نشرت «عكاظ» يوم أمس- بقولها «إن مجلس الشورى متخلف بسنوات ضوئية عن الحكومة، ومنفصل عن الواقع وعن الرؤية والتحول الوطني وعن حراك الحكومة»، وقولها «المفترض أن نسابق الحكومة ولكن لأن هذا لن يحدث فعلى الأقل نسايرها في المبادرة والاستشراف ولا نكون دائما متأخرين».


لا أعتقد أن الدكتورة لطيفة فجرت هذه القنبلة بدافع عاطفي حركته نشوة الانتصار، وإنما باستشعار المسؤولية الوطنية ومقتضيات الواجب والأمانة كعضو في المجلس الذي يساند الحكومة في اتخاذ القرارات. كان المجلس يتهم الكتاب بالمبالغة في نقد أدائه رغم وضوح ضعفه للجميع، وكان يصم أذنيه عندما نطالبه بالانشغال بالقضايا الهامة التي تشغل المجتمع بدلا من تهميشها، وكان لا يعير الرأي العام اهتماما لائقا عندما ينبهه للأخطاء التي تحدث فيه، لكن هاهي واحدة من أعضائه تتجاوز كل ما قاله الكتاب عنه، وتقولها بصوت مرتفع تحت قبته إنه متخلف بسنوات ضوئية ومنفصل عن الواقع والرؤية والتحول الوطني وعن حراك الحكومة.

إنها كارثة وطنية بكل ما تعنيه الكلمة عندما يكون مخزن أفكار وقرارات وتوجهات الدولة متخلفا عنها بهذه المسافة الهائلة. في مثل هذا الوضع، وفي المرحلة الراهنة المليئة بالتحديات، لم تعد تجدي المطالبة بتحسين أداء المجلس عندما يكون حاله هكذا، وإنما نحتاج الى مراجعة جذرية وشاملة للمجلس في كل جوانبه.