-A +A
حمود أبو طالب
كان يوماً مختلفاً بكل المعايير، وكانت ليلة مختلفة بكل المقاييس والمقارنات. يوم جديد بهي لا تشبهه كل الأيام التي مضت، وليلة فاتنة بفرحها الغامر وبهجتها التلقائية، في كل موقع على أرض الوطن. تشابكت كل الأيدي وتعانقت كل القلوب وتصافحت كل الوجوه في كل مكان. يوم أسطوري وليلة أسطورية، لم يرسم ملامحها وتفاصيلها أحد سوى الحب التلقائي الصادق النقي للوطن الذي يسكن وجدان المواطن، رجلاً وامرأة، طفلاً وشيخاً، كبيراً وصغيراً، الكل ذاب وانصهر في يوم عشق ووفاء نادر.

كأنه حلم هذا اليوم انتظره الناس طويلا، هم يحبون الوطن لكن لم يكن بوسعهم التعبير عن هذا الحب كما يجب، وكما يليق بالوطن، ثمة تضييق معلن وخفي كان يحول بينهم وبين الاحتفاء بتأريخ مجيد يرمز له يوم خاص. كانوا يشاهدون شعوبا كثيرة تحتفل بأيامها الوطنية حتى لو لم تكن منجزات أوطانها تماثل جزءا من منجزات وطننا. حالت عثرات كثيرة أمام رغبة هائلة للتعبير عن المشاعر تجاه وطن ضخم، لكن الوطن نهض ليفتح ذراعيه وقلبه كي يعبر المواطن عن انتمائه وحبه دون شروط وتحفظات وسد ذرائع، فاندفع المواطن بكل مشاعره العفوية ليعانق وطنه، وليكون يوم 23 سبتمبر 2017 منعطفا جديدا في تاريخنا.


لسنا وحدنا الذين احتفينا بيومنا الوطني، بل شاركتنا شعوب أخرى رسمياً وشعبياً لأنها تعرف جيداً أن وطننا محب للخير والسلام، وأنه وطن قوي يلتزم بمبادئه وواجباته تجاه أشقائه وأصدقائه. وطن يحتضن مقدسات المسلمين ويذود عن هوية العرب ويحمي حمى العروبة، ويقف بقوة ضد أخطار المؤامرات التي تحاك ضدها من أعداء وعملاء. وطن ينطلق بثبات وإصرار نحو المستقبل الأقوى والأجمل، وطن عرف الآن جيداً كيف يزيل الأشواك من طريقه، ويتعامل مع العالم كشريك سلام وتقدم وازدهار للبشرية، مثلما يريدها لشعبه.

لا خوف على وطن انطلق أبناؤه وبناته في كل مكان بمثل ذلك الوفاء والحب والافتداء، فالذي حدث في ذلك اليوم وتلك الليلة درس كبير في معنى المواطنة ورسالة بليغة وقوية لكل من يظن أن باستطاعته اختراق هذه العروة الوثقى بين الوطن والمواطن.

يا هو يوم.. ويا هي ليلة !