-A +A
سعيد السريحي
ينبغي أن يشكل الاحتفاء باليوم الوطني وقفة صادقة مع النفس يتبين معها كل مواطن مدى وفائه لاستحقاقات هذا الاحتفاء ومدى صدق انتمائه لهذا الوطن، وقفة صادقة يراجع فيها كل موقف وقفه وكل قرار اتخذه وكل عمل قام به، وقفة لا يعلم بها سواه ولا يشهد عليه وله فيها غيره، ثم يحكم بعد ذلك لنفسه وعلى نفسه متخذا من ذلك الحكم منعطفا جديدا في تحديد مدى ولائه لوطنه ومدى صدقه في الانتماء إليه، وإذا كان قد هتف مع الهاتفين معبرا عن حبه لوطنه فعليه أن يعرف أن المواطنة الحقة لا يمكن أن تتوافق مع إهماله في عمله وتقاعسه في أداء واجبه وتفريطه فيما هو مؤتمن عليه من عمل في هذا الوطن، والمواطنة الحقة لا يمكن أن يدعيها من لا يرعوي عن ظلم من يتمكن من ظلمه ولا استغلال من يقدر على استغلاله، المواطنة الحقة لا يمكن أن يتصف بها من لا يرى ضيرا في الانتماء لما يشاء من أحزاب والهتاف لما يحب من أنظمة حتى لو كانت تلك الأحزاب وتلك الدول تناصب وطنه العداء وتحيك له المكائد، والمواطنة الحقة لا يمكن أن يتسم بها أولئك المتشددون والمتطرفون الذين لا هم لهم غير التضييق على الناس متناسين سماحة الدين، ولا يتسم بها كذلك المحرضون الذين يغرون أبناء الوطن بالخروج إلى مصارعهم بينما يتقلبون هم وأبناؤهم في رغد العيش وملذات الحياة، والمواطنة الحقة لا تكون صفة لمن يضربون الوحدة الوطنية ويهدفون إلى الإضرار بتماسك المجتمع مستغلين الاختلافات بين طوائفه وأطيافه.

للاحتفاء بالوطن استحقاقاته وعلى كل مواطن أن يقف وقفة صادقة لكي يتحقق ما إذا كان مستحقا للاحتفاء بالوطن أم أنه إنما كان يهتف مع الهاتفين في هذا اليوم فإذا ما انقضى الاحتفاء عاد إلى ما هو عليه من قول وعمل لا يتنكر لشيء كما يتنكر للوطن.