-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
هل يملك المواطن الصالح المحب إلا أن يكون مع وطنه، كيف يكون لي قلب يحب وطني وأقف مع غيره، كيف يكون لي عقل واختار غير وطني، وكيف تكون لي عين ولا أرى مثالب من يريد أن يقف ضد وطني، هل لنا خيار وإن لنقص في معلومة أو جهل لمفهوم، تتلاشى كل محاولات التعمية أمام حب جارف للوطن وولاة أمرنا، ثم هل مصلحة الوطن الركون للتنظير أو الموازنة بين وطني والبلدان الأخرى، متى كانت الدول الأخرى تعمل تلك الموازنة، ومتى كانت بعض تلك الشعوب المغرر بها وحكامها الظلمة يقفون مع وطننا، مع أن الحق معنا كفلق الصبح والفجر الأبلج، لقد عايشت مرحلة عبدالناصر وكم عانت هذه المملكة في ذلك الوقت من مؤامرات وفتن وتحريض الشعب على حكام هذا الوطن ورموزه القيادية السياسية والدينية، وكم هي أنظمة أخرى رقصت طربا عندما شنت علينا حروب بعضها إعلامي وبعضها قتالي مثل أحداث اليمن في السابق والحاضر، ناهيك عن من وقف مع صدام إبان غزو الكويت نكاية في هذه المملكة وحكامها من قادة تلك الدول إلى بعض الفئات المضللة من إعلامها، لقد كانت غصة في حلق الحق والتاريخ الصادق، وصدمة لنا في من كنا نعتبرهم أوفياء أو على الأقل سيخجلون من عتب التاريخ ومن نظرة من عرف الحق من شعوبهم، من تلقي طعنات الخيانة تلك، إلى قادتنا وشعبنا الوفي الصبور، كم أعطينا وكم كوفئنا على ذلك بالإنكار والخيانات والمؤامرات والدسائس، كم من دول وقفنا معها بالعطاء والمواقف القوية في المحافل الإقليمية والدولية كافة، ورأينا منها عندما اعتقدوا أن الفرصة ربما حانت للنيل من هذا الوطن ردوا بما تحمله قلوبهم من حقد أسود وحسد دامٍ، وكانت سهامهم ترتد إلى صدورهم لا تخرج إلا بصديد خيبتهم، إن هذا الشعب في كل المواقف يعلم أن وطنه وقادته أبدا ما طعنوا من الخلف ولا من الأمام ولكن هم إذا لزم الأمر وبعد إذ نفد صبر الحليم فإن ردهم صارخا وقويّا وواضحا على رؤوس الأشهاد. نحن وطن عشنا عشرات السنين على كلمة إخواننا وسيؤوبون إلى رشدهم، نحن ووطنا تربينا على الصبر على المكاره التي أتتنا من القريب قبل البعيد، ولكن أما لهذا الليل من آخر، ألم يمر على من صاغ تلك المؤمرات الحكمة التي تقول اتق غضب الحليم، بعد هذا كله للفئة الضالة ومن يقودها من «لغاليغها» هل هناك معياران نفاضل بينهما أنا مع وطني، أم أنا لست معه، وهل الخيار الثالث الرمادي له مكان، وهل نعتبر ذلك نأياً بالنفس وكأننا نتكلم عن شعب آخر أو حكومة أخرى، من ظن أنه يسجل موقفا يفتخر فيه أمام طغمة لا تحب إلا انكسار هذا الوطن، نقول له لقد تنكبت طريق الوطنية وسلكت الطريق المعاكس، لقد قالها الشعب في رسالة حروفها بيضاء وأرضيتها خضراء نحن جند الوطن وأبناؤه البررة. ولا عزاء لمن يسجل غائبا في وقت الحضور، أما من كان يعد الأحزمة لحفلة الرقص على إيقاع آمالهم الخائبة البائسة، في انتظار حراكهم المأفون، هؤلاء الذين يثبتون للمرة المليون أنهم لا يفهمون معدن هذا الشعب الوفي والقوي في موقفه مع وطنه وقادته، أقول لهم مع الاعتذار للشاعر. أنتم مضنىً وليس «له» حراك.