علاء عبدالهادي
علاء عبدالهادي




صالح زياد
صالح زياد
-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) okaz_online@
ترى بعض التيارات الفكرية والنقدية الحديثة أن «الأدب» ممارسة وليس «فكرة»، خصوصا أنه (أي الأدب) يبدأ بفكرة ثم يتحول إلى ممارسة، إذ يؤكد أستاذ الأدب الفرنسي بـ(جامعة سيرجي بونتواز) إيمانويل فريس وبرنار موراليس في كتابهما المشترك (قضايا أدبية عامة) أن الأدب هو فعل اتصال ونقل، وأن المعلومات الهامشية التي تتألف منها لوازم النص هي جزء لا يتجزأ من الأثر لوصف (الفيللوجي)، موضحين أن تنوع الخيارات تشكل أفكارا أساسية وقاعدة لإشكالية موحدة تتعلق بالنشر والاتصال والقراءة، وهو ما لم تتطرق له النظرية "البنيوية".

النوع الأدبي من جانبه، يؤكد أستاذ الفلسفة في النقد الأدبي الناقد المصري الدكتور علاء عبدالهادي، أن الجيل الأدبي يرتبط غالبا بشكل من أشكال وعي جمعي متقدم، من جماعة أو صنف من الناس، أما إذا كان هذا الوعي فرديا، ويخلو من التفاف جمعي من حوله، فإنه لا يشكل جيلا له رؤية. وأضاف: «يمكننا أن نربط مفهوم الجيل الأدبي علي مستوى الإنتاج برؤية ما إلى العالم تشكلت بين عدد مؤثر من أفراد هذا الجيل وممارساتهم، وذلك على نحو له تأثيره الملحوظ على جماعاته وأفراده، وهذا ما يربط هذه الرؤية بطبقة أو بفئة، وربما بطليعة جيل ناهض أيضا».


وتطرق إلى نظرية (النوع الأدبي)، موضحا أنها تثير مسألتين أساسيتين؛ الأولى: أنها تقبل خصوصية كل عمل أدبي، والثانية: أنها تؤسس في الوقت ذاته علاقة العمل الأدبي أو الفني الفردي بنوعه الأدبي أو الفني الجامع.

وأوضح أن النظرية تعد مجالا تتضح فيه خصوصية الأدب ومفاهيمه، وهذا ما جعل للأدب سمات تجعلنا مُطْمَئِنِّينَ إلى أن نتائج محاولاتنا القرائية ستكون ذات قيمة في النهاية وتستحق جهد المحاولة.

فلسفة جمالية

أما الناقد والأكاديمي الدكتور صالح زيَّاد، فيوضح أن الفلسفة الجمالية التي تنفي المفهوم عن الجمال مثلما تنفي المنفعة عنه، «نافذة للانفتاح على غير المفهومي وغير العقلاني، وتثمينا لملكة الخيال، كما لدى الرومانسيين ومن بعدهم المذاهب الطليعية والنزعات الحداثية المختلفة، وكانت نافذة للإطلال على الأدب والفنون من زاوية الاهتمام فيها باللغة وما تمثله من استقلال عن المفهوم أو الغرض».

وأضاف أن «هذا الاهتمام تحديدا هو ما قوى في المقولات اللسانية والسيكولوجية والفلسفية والفنية، من الوجهة التي تمثل انقلابا على تصور هيجل للغة والأدب؛ أعني السعي ـ في الوجهة الهيجليةـ إلى جعل الواقع شفافا، وإخضاع الأدب للُّوجوس والأصل، فالأدب ـفي هذه الوجهةـ مثل اللغة ثانوي، وهو نمط أدنى من المعرفة، وحين يثور الأدب على هذا النسق من التصور فإنه، يثور على القيم النفعية، وعلى كل نسق عقلاني يقمع تلقائية الذات وحريتها الفردية في التحقق الإبداعي».

الفطرة والموهبة

من جانبه، يرى الشاعر والروائي الكاتب عبده الأسمري، أن الأدب يظل تحليلا ونتيجة وهدفا مفترضا للثقافة، سواء من خلال ممارسة الثقافة قولا وفعلا وعملا، قراءة وتحليلا وبحثا،

وأوضح أن المفهوم اختلط في مشكلة أزلية تتعلق بكينونة الثقافة وكيان الأدب، بين لاهث وراء المعرفة وتغذية العقل وبين بارع يعاقر الكتب ليرضي غرور موهبة ملأت قلبه وعقله حتى أصبح مبدعا، وبات مساره الأدبي أسلوب عيش وسلوك حياة وطموح شخصية.

وراهن الأسمري على وجود أديب خرج بالفطرة، مؤكدا أن الموهبة هي الأساس الأول، وعندما تظهر باكرا فإنها ستسير بخطى ثابت إذا ما صقلت وأشبعت بالثقافة فإن هذه الخطوات ستتحول من (ثابتة) إلى (واثبة) نحو التميز، موضحا أن «بين هواية الثقافة وهوية الأدب مجالات من الترابط والارتباط، أساسه المهارة، وتفاصيله الدافعية».