-A +A
طارق فدعق
الكدش باللهجة الحجازية بفتح الكاف وشد الدال هو الشعر الخشن الطويل المنكوش المنفوش وكأنه غابة جافة على رأس صاحبه. وأما باللغة العبرية فكلمة كدش بشد الدال وكسر الشين فهي مشتقة من لفظ «قاديش» الذي يرمز إلى الشيء المقدس... وتحديدا فهو أحد مواقع المعارك التاريخية في تاريخ اليهودية. وتوجد معان أخرى للكلمة، ولكن بالنسبة لموضوع هذا المقال فالكلمة تشير إلى اسم إحدى أكبر عمليات النذالة في التاريخ الحديث. وهي نذالة على مستوى الحكومات، بل وهي مخلوطة بالبكش ونظام «حلّق حوش» كما يقول إخواننا في مصر... شغل أغرب من الخيال كونه يصدر من حكومات. ملخص الموضوع هو كالتالي: في مثل هذه الأيام، وتحديدا في أكتوبر 1956 بدأ العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر. وكان ذلك العدوان هو عبارة عن مؤامرة كبرى من بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل للهجوم على مصر لتدمير قواتها العسكرية، واحتلال قناة السويس، وإطاحة حكومتها. كل من الثلاثة الأطراف كان له دوافعه ومسوغاته، ولكنهم اتفقوا على محاولة لإلحاق الخسائر الكبرى بمصر. كانت خلفية الموضوع تدور حول مجموعة من الأسباب ومنها تأميم قناة السويس من قبل الحكومة المصرية... ولا عجب في ذلك لأنها مصرية وبداخل أراضي مصر. ومن الأسباب أيضا صفقة أسلحة من جمهورية التشيك تشمل طائرات ودبابات وذخائر... ولا عجب في ذلك لأن فرنسا، وإنجلترا، وأمريكا رفضوا تسليح مصر. ومن الأسباب أيضا أن مصر لجأت للاتحاد السوفيتي لتمويل بناء السد العالي لإدارة موارد البلاد المائية بحكمة، ولتوليد الطاقة الكهربائية... ولا عجب في ذلك لأن الولايات المتحدة رفضت التمويل وبطريقة استفزازية. والغريب أن المؤامرة من بريطانيا، وفرنسا، والكيان الصهيوني كانت تدور حول تمثيلية غريبة كالتالي: تبدأ بهجوم القوات الإسرائيلية على مناطق مختارة في سيناء وتحتلها «من غير ليه». وهنا تتدخل بريطانيا وفرنسا لتقوم «بحماية» قناة السويس لضمان انسيابية حركة السفن ولضمان «المصالح العالمية» للنقل البحري. طبعا حقيقة الموضع انكشفت للعالم بأكمله واتضح أنها عبارة عن توليفة نذالة (دور إسرائيل) وبكش (بريطانيا وفرنسا). يعني لعب عيال بمعنى الكلمة. وفي الواقع فقد تم طبخ اللعبة بشكل «سري» في «سيفري» Sevres وهو أحد أحياء باريس بحضور رئيس وزراء الكيان الصهيوني ووزراء خارجية الدولتين العظميين. بل وتم توقيع اتفاقية لهذه المؤامرة... وبصراحة هذه «خيبة» كبرى فلماذا توقع اتفاقية لإجراء تمثيلية سرية؟ ولا المعاتيه ما يفعلون ذلك حسب علمي المتواضع بالعتاهة الرسمية.

تم الهجوم على مصر الشقيقة في أكتوبر 1956 ليبدأ العدوان الثلاثي بإسرائيل ثم فرنسا وبريطانيا. بدأ بسيناء والسويس ثم مدينة بورسعيد وكانت المفاجأة الكبرى فقد رأى العالم وقفة باسلة ضد الغزاة من الشعب المصري بل ومن الشعب العربي بأكمله. وتم ترسيخ قوة الحكومة المصرية بدلا من زعزعتها كم توقع الغزاة.


أمنيــــة

أمامي صورة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والملك فهد (رحمه الله) بالزي العسكري أثناء تطوعهما لمكافحة العدوان الثلاثي عام 1956 وهي تحكي ألف حكاية عن مواقف حكومة وشعب هذا الوطن. أتمنى أن نتذكر هذه الأحداث لأنها في غاية الأهمية لشرح التاريخ ومواقف الحكام، والشعوب... والله يشهد على صحة كلامي،

وهو من وراء القصد.