-A +A
واس (الرياض)
ظلت المملكة العربية السعودية على مدى العقود الماضية، ومنذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وانطلاقاً من مبادئ الإسلام، تقدم المساعدات الإنمائية للبلدان الشقيقة والصديقة. وواصلت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، تقديم المساندة للمحتاجين إلى المساعدات الإنسانية والإنمانية، حيث خصصت جزءاً من داخلها الوطني لمد يد العون ومساعدة الدول النامية التي تسعى إلى تحسين مستوى معيشة شعوبها وتخفيف معدلات الفقر.

وتعد المملكة إحدى الدول الرئيسية التي تقدم المساعدات الإتمانية الميسرة للدول النامية، إدراكاً منها بحاجة تلك الدول وأهمية التعاون والتضامن بين أعضاء المجتمع الدولي. ولقد تنامى دور المملكة واتسع نطاقه مع تنامي قدراتها وامكاناتها إذ أصبحت في المراتب الأولى عالمياً من حيث نسبة ما تقدمه من عون إلى إجمالي ناتجها القومي خلال العقود الثلاثة الماضية متجاوزة النسبة التي حددتها الأمم المتحدة لتقديم العون للدول المحتاجة له، وهي 0.7 % من الناتج القومي الإجمالي.


ويعد الصندوق السعودي للتنمية الذي باشر نشاطه في عام 1975م القناة الرئيسية التي تقدم من خلالها حكومة المملكة مساعداتها الإنمائية، ويقوم باعتماد وصرف هذه المساعدات، وفقاً لقواعد ومعايير وضوابط من شأنها زيادة فعاليتها وتوجيهها نحو تحقيق الأهداف المرسومة لها.

وتتميز قروض الصندوق بارتفاع عنصر المنحة وبأنها غير مشروطة كما يركز الصندوق مساعداته على قطاع البنية الأساسية مثل الصحة والتعليم ومياه الشرب والإسكان والطرق والزراعة وذلك لأهمية تلك القطاعات في الاضطلاع بدور حيوي في رفع مستوى معيشة البلدان النامية.

وقد أولى الصندوق أهمية كبيرة للدول ذات الدخل المنخفض في قارتي أفريقيا وآسيا التي عانت بشكل كبير من ضعف مواردها، ومما تعرضت له من ظروف طبيعية كالتصحر والجفاف والفيضانات والزلازل.

ومنذ بدء الصندوق نشاطه وحتى نهاية سنة 2016 م، أسهم في تمويل 582 مشروعاً و27 برنامجاً تنموياً في 82 دولة نامية تتوزع ما بين قارتي أفريقيا وآسيا ومناطق أخرى، بمبلغ إجمالي تجاوز 51 مليار ريال خصص الصندوق منها حوالي 27 مليار من إجمالي مساعداته لتمويل 359 مشروعاً وبرنامجاً إنمائياً في 45 دولة أفريقية وخصص أكثر من 23 مليار ريال لتمويل 232 مشروعاً، وبرنامجاً تنموياً في 29 دولة في آسيا وأسهم في تمويل 18 مشروعاً في مناطق أخرى من العالم بأكثر من مليار ريال.

وتوزعت مساعدات الصندوق قطاعيا على مشاريع البنية الأساسية، إذ مول الصندوق بحوالي 14 مليار ريال مشاريع البنية الاجتماعية (الصحة ، التعليم، الإسكان والتنمية الحضرية، المياه) ومول أيضا مشاريع في قطاعات النقل والاتصالات بما يزيد على 13 مليار والزراعة بحوالي 7 مليارات ريال، كما ومول الصندوق مشاريع في قطاع الطاقة بأكثر من 11 مليار ريال، وأسهم في تمويل مشاريع في قطاعات أخرى بمبلغ تجاوز ملياري ريال ومشاريع في قطاع الصناعة والتعدين بمبلغ ملياري ريال.

ولم يقتصر دور الصندوق على تقديم القروض لمساعدة الدول النامية على تحسين مستوى معيشة شعوبها بل أسهم في تنفيذ المنح المقدمة من حكومة خادم الحرمين الشريفين لدعم الدول الفقيرة لمواجهة الظروف الطبيعية الطارئة، حيث نفذ الصندوق برنامج المملكة لحفر الأبار في أفريقيا لمساعدة دول الساحل الأفريقي لمواجهة الجفاف، وقد نفذ البرنامج على خمس مراحل بأكثر من 330 مليون دولار أسهمت في حفر أكثر من 6300 بئر في 12 دولة أفريقية ليوفر مياه الشرب لأكثر من 3 ملاين مواطن أفريقي يعانون من الجفاف وقلة المياه.

ويهدف برنامج الصادرات السعودية إلى تنويع الصادرات الوطنية غير النفطية وزيادة قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية ودعم المصدرين السعوديين في الوصول إلى أسواق خارجية جديدة والتعامل مع البنوك التجارية الوطنية في عمليات تقديم تسهيلات الائتمان والضمان للمصدر السعودي والمنتج الوطني.

وقد أسهم الصندوق من خلال برنامج الصادرات في دعم الصادرات الوطنية غير النفطية بمبلغ إجمالي تجاوز 27 مليار ريال، إذ بلغ عدد عمليات تمويل الصادرات 162 عملية تمويل، كما بلغ عدد وثائق الضمان التي اعتمدها البرنامج 63 وثيقة بما يقارب 26 مليار ريال.

وانطلاقا من حرص الصندوق على تنفيذ المشاريع التي يسهم في تمويلها بدرجة عالية من الكفاءة لتعود بالنفع على حكومات وشعوب الدول المستفيدة ومن أجل تنسيق الجهود التنموية مع المؤسسات التمويلية الأخرى، أنشأ الصندوق قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاما بالتعاون مع مؤسسات تمويل التنمية العربية الأخرى والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق أوبك للتنمية "مجموعة التنسيق العربية" من أجل تبادل المعلومات التنموية وتوافق إجراءات ومتطلبات الإقراظ والإدارة المشتركة للتمويل المشترك، خصوصا المشاريع التي تستدعي اهتمام مشتركا من حيث التمويل والدعم الفني والاستشاري.

وعززت رؤية المملكة 2030 من دور المملكة في مجال التعاون الإنمائي مع مختلف الدول ودعمت تطوير علاقات المملكة معها من خلال التكامل الإقليمي والدولي والشراكات وتعزيز التنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي، ويلتزم الصندوق وفقا لهذه الرؤية بتنفيذ دوره ومهامه متماشيا مع متطلبات مجتمع التنمية الدولية وحاجات الدول النامية للمساعدات، مما يعزز من مكانة المملكة على المستويين الإقليمي والدولي والعالم الإسلامي بشكل خاص.

ويواصل الصندوق السعودي للتنمية، ومن منطلق ترجمته لتوجهات خادم الحرمين الشريفين وحرصا منه على مساعدة الدول الفقيرة لتحسين المعيشة بها ومكافحة الفقر فيها، في دعم الجهود الدولية لمساعدة الدول النامية مباشرة أو عن طريق مؤسسات التنمية الدولية أو الإقليمية تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة.