-A +A
عبده خال
اشتهرت ثورات ما يعرف بالربيع العربي باختيار يوم الجمعة تحديدا ليكون موعدا لكل حراك شعبي وتثوير الشارع من خلال شعار يتم رفعه في ذلك اليوم بقصدية تغيير الخارطة السياسية الداخلية هنا أو هناك.. وكانت شعارات الجمع التي سبقت ثورة يناير (في مصر) ناجحة إلى حد ما، ومع اكتشاف خامة ورداءة الإخوان المسلمين وانصراف الناس عن دعواتهم، لم يحقق أي حراك دعوا إليه الشعب لأن يخرج مطالبا (بكذا أو كذا) وماتت المظاهرات في مصر ولم يعد أحد يلتفت لهذا التجييش الشعبي.

ونفس العقلية الإخوانية الرديئة (أو من تشبه بهم) ضربوا موعدا ليوم الجمعة 15 سبتمبر ليكون حراكا شعبيا في السعودية تداخلت فيه الشعارات، فجاء يوم الجمعة (الموعد المضروب) ليكون يوما التحم فيه المواطنون بجميع شرائحهم وفصائلهم وانتماءاتهم للتأكيد على أن أمن الوطن خطر أحمر لا يمكن تجاوزه.. وهذا الموقف الجماعي للشعب السعودي نتج من معرفة سابقة لما حدث من تخريب بمقدرات البلدان التي حل بها الإخوان من أجل تدمير الدولة بجميع مؤسساتها لتكون دولة فاشلة من خلال رفع شعار الثورة كمغير أساس.


والشعب السعودي (ومنذ ما سمي بثورة حنين) أعلن أنه لن ينقاد إلى لعبة الزج بالوطن في مراهنات سياسية أو تغيرات زائفة أو التخلي عن أمنهم من أجل إسقاط نظام... تنبه الشعب لرؤية الثورات العربية التي لم تكن رحيمة على البلدان أو على الناس أو على مؤسسات الدولة ووقفوا شهود عصر: إن كل الدول ذات الطابع الثوري الإخواني لم تحصد إلا الدمار والتشريد.

وحراك 15 سبتمبر خرج من بيت الدبابير، ولأن اللعبة تم كشفها فقد تحول الهاشتاق إلى رسائل تأكيد على حماية الوطن ورفض الصياغة التي أراد لها المنظمون أن تحدث على أرض الواقع، ولو أداها أفراد سوف تكون مادة دسمة لقنوات الأعداء لأن يتقولوا بأن الشعب السعودي خرج مطالبا بالتغيير.. وكان يوما التحم فيه المواطن بالمواطن في سد بشري غير قابل للمراهنة بالوطن.. وربما لم يدر بخلد المخططين أن لعبتهم غدت سامجة.. واكتشف الناس أن المحرضين يسكنون عواصم أوروبا ولديهم كل إمكانيات الرفاهية ويطالبون بنسف كل رفاهية المواطنين من أجل الدخول إلى عالم مجهول من الفوضى.. بينما جميع المواطنين لديهم وسائل تواصل عدة للمطالبة بما يحقق لهم الحياة الكريمة.. سواء كان الكتاب في الصحف والإذاعات والقنوات أو كل فرد يمكنه أن يطالب من خلال قنوات التواصل الاجتماعي... وكثير من المشاكل الحياتية تحولت إلى رأي عام يؤثر في القرارات السياسية.. وبما أن التغييرات في هذا السياق متحققة، فلماذا يصر المخططون لأي حراك شعبي في العالم العربي بالعودة إلى إرشيف الماضي واستنساخ وجوب أحداث تغيير من خلال ثورة؟

أخيرا في كل دعوة للعبث بالوطن ومنجزاته يكون الشعب ملتحما بعضه مع بعض وهي صورة تقدر، وأهمية تقديرها أن هذا الوطن لن يذود عنه سوى أبنائه لتكون التوصية الإلزامية أن تتنبه كل جهة بحل مشاكل المواطن فهو الثروة الحقيقية لحماية الوطن.