-A +A
سعيد السريحي
حين نشرت «عكاظ» مقالي «هل يحاسب الصامتون على صمتهم»، والذي انتهيت فيه إلى أنهم إنما يحاسبون على ما فعلوه وقالوه قبل أن يلتزموا الصمت أمام قضايا كانت أحوج ما تكون إلى موقف وطني يستشعره كل من يعرف معنى الوطن، حين نُشر ذلك المقال لم يتردد بعض المغردين عن وصمي بأنني أنقض «تاريخي الأدبي»، الذي ارتبط بالدفاع عن حق الإنسان في التعبير عن رأيه، ورغم تحفظي على ما سموه «تاريخي الأدبي» فلست أزعم أن لي تاريخا أدبيا، إلا أنني أعتقد أن في ما زعموه ضربا من المخاتلة واستغفال الرأي العام، ومحاولة مقيتة لإدانة ما قام به جهاز أمن الدولة من القبض على عدد من الذين دارت حولهم الشبهات ووضعهم موضع التحقيق وذلك حماية للوطن والمواطنين، مما بدا من أنشطة وعلاقات لهم لا يتمارى اثنان في أن أجندتها متطابقة مع أجندات حزبية لجامعات الإسلام الحركي سواء اتخذت تلك الجماعات شكل أحزاب أو دول قائمة.

وفي حقيقة الأمر أن الذين يزعمون أن هذا الداعية أو ذاك إنما تم القبض عليه ووضعه موضع التحقيق لصمت التزمه أو تغريدة غرد بها إنما يجهلون أو يتجاهلون تاريخا أسود لأولئك الذين يسمونهم دعاة لم يكن ينجو فيه أحد من محاولتهم للطعن فيه وتفسيقه واتهامه بأنه ضد الوطن وضد الدين، ولم يسلم فيه مشروع من مشاريع الدولة من التشكيك فيه، كذلك وفق خطة ممنهجة ومنظمة تستهدف نزع ثقة الوطن بأبنائه بل ونزع ثقة المواطنين بكثير من مشاريع الدولة وقراراتها، في الوقت الذي كانوا يهتفون فيه صباحا ومساء لكل مشروع وخطاب بل وحملة اعتقالات تتم في دول تتوافق سياساتها مع أجندتهم، حتى بلغ بهم الأمر أن نصّبوا من زعيم إحدى تلك الدول خليفة للمسلمين واعتبروا عاصمته دارا للخلافة.


لم يكن أولئك الذين تم القبض عليهم أصحاب رأي وإنما كانوا أصحاب فتنة، اصطلينا بنارها منذ 30 عاما كانوا خلالها يحرضون ضدنا ويرموننا بكل ما يخطر على البال وما لا يخطر على البال من التهم التي لولا لطف الله وحكمة المسؤولين ومعرفتهم بنا وبهم لكنا ضحايا لما كانوا يحيكونه لنا من مكائد.

وإذا كنا نحمد الله على ما انتهى إليه أمرنا وأمرهم، بعد أن حصحص الحق وتبين من يقف إلى جانب الوطن ومن تدور حوله شبهات العمالة، فإن ذلك ليس من باب الشماتة بهم بل من باب الاعتزاز بوطن يمضي نحو المستقبل بخطى واثقة لا تتردد في الإطاحة بكل من يحاول عرقلة تلك الخُطا، وذلك هو الوطن الذي نرتجيه ونثق فيه.