-A +A
عبدالله عمر خياط
.. في كل إنسان ممن خلق الله صفة تختلف باختلاف التربية، والذي أعرفه عن صديقي الراحل الأستاذ حامد عباس رحمه الله، أنه كان ذا خلق حميد، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن من أقربكم مني يوم القيامة مجلساً أحاسنكم أخلاقا» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

وفي لفتة كريمة من أخي السيد محمد علي الجفري، فقد أهداني كتاباً بعنوان «حياة فاشل» صدر عن دار المحمودية بجدة، والحقيقة أن حامد عباس لم يصاحبه الفشل بدليل المناصب الإعلامية التي شغلها وبرز فيها.


وكتاب الأستاذ حامد مليء بالمعلومات والذكريات والصور كما هو حافل بتاريخ شخصيات عديدة من أبرزها ملامح من معطيات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل – أسكنه الله الجنة -.

وإذا كان لا يعرف الإنسان إلا هو نفسه فإن مما كتبه رحمه الله تحت عنوان «أنا حامد عباس»: «لا أدري كيف اجتمعت في داخلي صفتان متناقضتان ولكنهما تعيشان معا ولم تزالا: الأولى الاعتداد المبالغ فيه – من وجهة نظري – في نفسي إلى درجة الحمق ولكني لست أحمق، والثانية السذاجة المفرطة وإلى درجة الهبل الكامل؟

وفي محاولة تقص موضوعي أشعر أن الصفتين ليستا مصنوعتين أو مزيفتين تظهر إحداهما في الوقت المناسب لتقوم بدور مرسوم وإنما طبيعتان وجدتهما في داخلي مع تشكل الوعي لدي، تظهر كل منهما عندما تستدعيهما الأحداث أي ليس لي فيهما أي جهد يذكر أو أنني أستخدمهما بحرفية الماهر الذي يعرف من أين تؤكل الكتف كما يقال. وكمثال على ذلك أتذكر في طفولتي أنني عندما كنت أرافق الوالدة رحمها الله إلى طبيبها دق الهاتف في العيادة وكان هذا مشغولا بحقن الوالدة فطلب مني أن أرد على الهاتف فرفعت السماعة فوجدت من يسألني: من أنت ؟ وبكل عفوية قلت وبثقة المشهور جداً: أنا حامد عباس !! فضحك الطبيب وربت على كتفي وقال تشرفنا يا سيدي ؟ حدث هذا في سن مبكرة جدا، وفي عام 1387هـ/ 1967م كنت في بداية حياتي الصحفية وأعمل في جريدة المدينة محررا متجولاً في جدة بمرتب 500 ريال، وليس لدي وسيلة مواصلات مما يضطرني لاستخدام سيارات الأجرة في التنقل بين الإدارات الحكومية مما يستنزف موازنتي المتواضعة».

إلى أن يقول: «يعلم الله أنني لا أحاول أن أقدم نفسي في صورة زاهية ولكنني أحكي ما أعرفه عن نفسي ويعرفه المقربون مني دون تزييف، فلم يعد في العمر ما يكفي للتجمل أو لخوض غمار مغامرات أو دخول انتخابات أو السعي للحصول على مناصب أو على مكاسب مادية أو معنوية، كل ما أحاوله هو تسجيل واقع جيل وبيئة تختلف عن واقع أجيال اليوم والغد، بيئة جيلنا عاشت وعشنا فيها برضا رغم قسوة مناخ الواقع وفقر الإمكانات وشح الفرص، لم يكن هذا الوفير والحمد لله، ولم يكن كذلك هذا المتاح من التقنيات العلمية والعملية والترفيهية وإنما كان النحت في الصخر بأصابع لا تعرف حتى القفازات بل بأظافر مجردة ولكنها صلبة لا تنكسر».

.. رحم الله العزيز الأستاذ حامد عباس والشكر لأخي السيد محمد علي الجفري الذي يسر لي الفرصة للكتابة عمن أحببته في الله عليه رحمة الله تعالى.

السطر الأخير:

لا تقل أصلي وفصلي أبداً إنما أصل الفتى ما قد حصل.

aokhayat@yahoo.com