-A +A
حمود أبو طالب
نهاية الأسبوع الماضي ظهرت إلى العلن وعبر الفضائيات المعارضة القطرية في الخارج لتعلن عن عقد مؤتمر يوضح للعالم حقيقة موقف الشعب القطري من الأزمة الراهنة والأزمات السابقة المتراكمة، وقد طرحت المعارضة ثلاثة سيناريوهات محتملة كانت كالتالي: جنوح قطر للقبول بمطالب دول المقاطعة استناداً إلى عزلتها الخانقة وتفاقم الوضع الاقتصادي رغم المكابرة والشكليات التي تمارسها قطر للتظاهر بأن وضعها ليس سيئاً، أو تغيير سياسي يحدث داخل قطر تفادياً لمآلات أسوأ مما هو الوضع عليه الآن، أو أن تتحول قطر إلى دولة تحت الوصاية بشكل أو بآخر من خلال القوى التي تسيطر عليها وتقيم على أرضها وتديرها بشكل عملي وتحدد سياساتها.

كلنا كنا نتمنى بصدق أن يكون السيناريو الأول هو الخيار لقطر لأنها في النهاية دولة شقيقة وشعبها شقيق لنا ولا نريد له إلا كل خير، كما أننا لا نود أن تضرب قطر الفوضى والاحتراب فهي جارة لصيقة، وما شاهدناه من مآس في دول أخرى يجعلنا لا نتمنى هذا المصير لأحد. كنا نتوقع أن تتعلم قطر الدرس وتتفادى شرب الكأس الذي سقته للآخرين. كان أمل المصالحة هو رغبة الجميع وحلمهم رغم كل العراقيل التي تضعها قطر في طريق الانفراج. كنا نود أن نصحو على لحظة تزول فيها هذه الغيمة السوداء الثقيلة وتعود قطر إلى العقل وتدرك أنها تمارس لعبة في غاية الخطورة.


فجأة، ظننا أن الفرج قد جاء عندما بشرنا خبر باتصال أمير قطر بولي العهد يبدي فيه رغبته الجلوس إلى مائدة الحوار حول مطالب دول المقاطعة، وبعد أن ألمح إلى ذلك أمير الكويت في مؤتمره الإعلامي مع الرئيس ترمب في واشنطن. الحمد لله جاءت البشرى إذاً، هكذا ابتهجنا، لكن نظام قطر لم يشأ لهذه البشرى أن تتحقق حين مارس «اللغوصة» بعد دقائق من إعلان المملكة عن الخبر، عبر وكالة أنبائه الرسمية التي حرفت الموضوع شكلا ومضمونا، وزيفت الحقيقة بأسلوب غير مسؤول يؤكد استهتار النظام القطري بقضية خطيرة ومصيرية. وهنا كان لا بد للمملكة أن تعلن رد فعلها على هذا الاستهتار الذي وأد سريعاً بدء حل الأزمة، لا نقاش أو تفاوض حتى يكون خطاب قطر واحداً في كل الحالات، وحتى تؤكد أنها جديرة بالثقة وأن تتوفر لديها الجدية والمصداقية.

يبدو أننا خسرنا السيناريو الأول الذي كنا نريده، أي المصالحة لسبب واضح هو أن قطر لا تريد ذلك، ولأن سلطتها الحاكمة الفعلية تريد إشعال مزيد من الحرائق. حسناً، لا بأس، لقد أكدنا في المملكة حسن النية والعالم شاهد على ذلك، لكننا لا نستطيع أن نمضي في طريق المراهقة السياسية و«لعب العيال» الذي يصبغ سياسة قطر، سواء بإرادتها أو بإرادة الأوصياء عليها.