الملك سلمان
الملك سلمان
-A +A
"واس" (استانا)
أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن " القمة الإسلامية الأولى للعلوم والتكنولوجيا والابتكار والتحديث في العالم الإسلامي" التي تعقد في العاصمة الكازاخستانية؛ آستانا ، تأتي انطلاقا من قيم الإسلام السامية ومبادئ ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، التي أكّدت على أهمية العلم والمعرفة، كعنصر أساس لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المُستدامة، وأهمية تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء للرقي بالعلوم والبحوث وتطوير التقنيات والابتكار، بما يدفع الدول الإسلامية إلى مواقع رائدة في الاقتصاد العالمي.

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها نيابة عنه، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح؛ أمام الجلسة الافتتاحية للقمة الأولى للعلوم والتقنية لدول منظمة التعاون الإسلامي، في آستانا، نقل في مستلها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى فخامة الرئيس الكازاخستاني والحضور.

كما عبّر عن بالغ الشكر والتقدير، لجمهورية كازاخستان الشقيقة، حكومةً وشعباً، لاستضافتها هذه القمة، وللأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، على الجهود التي تبذلها المنظمة لتعزيز العمل الإسلامي المشترك، ولجمهورية باكستان لرئاستها واستضافتها لجنة كومستك.

كما وجه الوزير خالد الفالح التهنئة للرئيس، نور سلطان نزار باييف، بالنجاح الباهر الذي حققه معرض "إكسبو 2017"، مؤكداً أنه إنجازٌ يُعد فخراً للعالم الإسلامي أجمع. ونوهت كلمة خادم الحرمين الشريفين بأن العالم الإسلامي، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى نهضة معرفية ، وذلك في ضوء التحديات الكبيرة التي يواجهها، في عالم يحتدم فيه التنافس المعرفي الذي أصبح حجر الزاوية في النجاح الاقتصادي.

كما شددت الكلمة على أن ثقة الشعوب الإسلامية تتعزز لتحقيق هذه الأهداف بما يحمله التاريخ الإسلامي العامر من إنجازات معرفية خالدة خرجت بالعالم من عصور الظلام إلى عصور ذهبيةٍ للعلوم والتقنية مع التأكيد على أن المسلمين مدينون لأنفسهم ولأجيالهم القادمة بأن يُعيدوا إيقاد الشعلة التي كان العالم الإسلامي يُضيء من خلالها العالم بفكرٍ نيّرٍ وإبداع.

وبين الفالح، أثناء إلقاء كلمة خادم الحرمين، أن المملكة العربية السعودية، ترى أن تحقيق هذه النهضة في مجال المعرفة والعلوم التطبيقية والتقنية يستند إلى أربع ركائز جوهرية هي أولاً: تطوير التعليم، من مراحله الأولى حتى التعليم العالي، بحيث يكون مبنيا على تشجيع الإبداع والتفكير المُنطلق، ويصبح ميداناً لاكتشاف المواهب واحتضانها وتنميتها ، وثانياً: تشجيع البحث العلمي والتقني، وتطوير التقنيات المبتكرة، وضمان توفير التمويل لذلك، سواء من قبل الحكومات أو القطاع الخاص، وثالثاً: بناء منظومةٍ متكاملة يتم من خلالها احتضان المبدعين وأفكارهم، وضمان تحويل نتائج البحوث العلمية إلى تطبيقاتٍ عمليةٍ ذات مردود اقتصادي، ورابعاً: مد جسور التعاون والتكامل، داخل الدولة الواحدة، وبين الدول، ومن خلال المنظمات الدولية كهذه المنظمة العزيزة ، مبينا أنه فيما تمثل أجهزة الدولة المفتاح الذي يُدير مُحرّك نهضة الأمة، فإن الجهود، في هذا المجال، يجب أن تتسع لتشمل مؤسسات القطاع الخاص، ومؤسسات النفع العام، بل وأفراد المجتمع كافة.

وأوضحت الكلمة أن المملكة العربية السعودية تعيش هذا التوجه واقعا ملموسا في جهودها لتحقيق رؤيتها المستقبلية الواعدة 2030، التي تهدف إلى تحقيق التقدُّم، وتنويع مصادر الدخل، وتمكين الشباب، وتوفير كل الفرص الممكنة لهم، حيث ترصد المملكة للتعليم النصيب الأكبر من ميزانيتها، لتطوير وتدريب الشباب وصقل مهاراتهم، ودعم البحوث، وإنشاء الجامعات البحثية ومُدن التقنية الحديثة، بينما أقامت المملكة أضخم الشراكات الاستثمارية في قطاع التقنية وذلك لتحقيق أهداف هذه الرؤية الطموحة.

وجاء في الكلمة الضافية لخادم الحرمين الشريفين في القمة أن أثمن ثروات أمتنا هم أبناؤنا وبناتنا الذين نرى فيهم، وفي طموحاتهم، المستقبل المشرق، ولكي ننطلق بهم نحو المستقبل الواعد الذي يأملونه ونأمله لهم، علينا أن نبني نظماً تعليمية متكاملة وفاعلة تقوم باكتشاف قدراتهم ومواهبهم وتقدم لهم الدعم ليحققوا طموحاتهم، وعلينا أن نوفر لهم الإمكانات والدعم ليجروا البحوث والتجارب وليطوروا مبتكراتهم، وعلينا بعد هذا أن نعمل على توفير الفرص لتحويل أفكارهم وابتكاراتهم إلى منتجات ينتفع بها الناس وينمو بها الاقتصاد.

واختتمت كلمة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أن رحلة تحقيق الازدهار المنشود اقتصادياً واجتماعياً، والنهوض بالقدرات العلمية والتقنية لأُمةٍ عريقةٍ، يُمثّل سكّانها حوالي ثلث عدد سكان الأرض، تتطلب غرس روح التعاون، مھتدين بقول الله سبحانه وتعالى "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، ومتمسّكين بما يدعو إليه ديننا الحنيف من التعاضد والمحبة والتسامح ، وسيجنب ذلك عالمنا الإسلامي ما يتعرّض له، اليوم، من أزماتٍ، نجمت عن الفُرقة والتدخلات المرفوضة في شؤون الغير، ويجعلنا بنياناً مرصوصاً يدعم بعضه بعضاً، لننطلق جميعاً يداً واحدة تُعيد لعالمنا الإسلامي أمجاده التليدة في خدمة البشرية، نھضةً وحضارةً وعلماً.