-A +A
عبده خال
أي منجز يحققه أبناء الوطن يعتبر قوة من قوى البلد، فلم تعد القوة هي قوة الردع العسكري فقط، بل هناك قوى مختلفة تقوم عليها أركان وأسس أي بلد في العالم كالقوة الاقتصادية والتقنية والسياحة.

ولأن القوى الناعمة هي لغة عالمية تتعدد في أشكالها وتنوعها وقيمتها وأثرها تكون قوة احتياطية تظهر وقت الأزمات الوطنية، وتأتي الثقافة والفنون والرياضية في مقدمة القوى التي غدت ميادين مفاخرة وقياس درجة التقدم والعمق لأي دولة..


وإذ كنا نتحدث عن القوى الناعمة للبلد سوف نجد الرياضة تستقطب ملايين المواطنين، وأي فوز في هذه الميادين يكون فخرا وإنجازا لما خلفه من اهتمام ومثابرة لتعميق تلك القوى..

والبارحة الأولى كانت ليلة من ليالي الفرح التي عمت كل بقعة في هذا الوطن الكبير بمناسبة فوز المنتخب السعودي على اليابان وتأهلنا للمشاركة في كأس العالم 2018 بموسكو..

ولو أردنا الحديث عن تلك الفرحة العارمة التي هزت كل مواطن سوف نجد أن الفرح (إذا تم تعميمه) يصبح فرحا جماعيا، فهناك من لا تدخل الرياضة في مجال اهتمامه لكن بث هذه الفرحة تجعله مشاركا مشاركة وجدانية ووطنية على الأقل..

ولأنها فرحة غامرة يمكن استبيان مصدرها من اتجاهات عدة:

الرياضة لغة عالمية تستقطب مليارات البشر، وتعطي المستقبلين لها معرفة الدولة الحاضرة في المناسبات الرياضية الدولية وتمنحهم فكرة أن هذه الدولة (الحاضرة)، ليست خاملة بل تعمل لكي تكون مكتملة التنمية (أو أن تنميتها تظهر في مجالات معينة تبرهن على التنمية المستدامة)؛ لذلك تسعى كل دولة للتقدم في هذا المجال الرياضي الذي يعد قوة سلمية... والرياضة تمنح المستقبلين إشارة أن البلد يعيش في استقرار أمنى واقتصادي وحضاري (والدول المنكسرة بالحروب تجد في تأهل منتخباتها للمحافل لفتة دولية لما تعانيه تلك البلدان من دمار)..ومن أسباب تلك الفرحة التي اجتاحتنا ليلة أمس أن المنتخب السعودي ظل بعيدا عن المناسبات العالمية (تحديدا كأس العالم) والفوز يعنى إعادة هيكلة هذه القوة لكي تكون شاهدة على منجزات البلد وأن الاهتمام بالرياضة بالضرورة يشمل كل الأنشطة التي تعد مفخرة للوطن..

واهتمام الدول بالرياضة يدخل في باب التآلف بين مواطني تلك الدولة باختلاف انتماءاتهم السياسية والآيدلوجية، إذ إن الحب الساري في صدور الناس للعبة كرة القدم مثلا يجعل اجتماع المواطنين على هذا الحب من غير إقصاء لأي محب اجتمع معهم على هذا الحب.

وأيضا من أسباب تلك الفرحة الخروج من غمام الأخبار السوداء التي تلبدت في المنطقة وخيمت في سمائنا فعادة يكون الخبر المفرح ممثلا للحظة الصفو التي يستعيد بها المرء نشاطه الذهني ويبسط أمامه مستقبلا صحوا خارج ذلك الغمام.

أخيرا: مبروك لمنتخبنا على أمل أن تكون موسكو بوابة للدخول إلى محفل افتخار وانتصار يؤكد أن نماء البلد مستمر.