-A +A
عبدالرحمن باوزير (جدة) A_Bawazier@
تعود علاقة الملالي بطهران بالحوثيين إلى وقت مبكر، إذ ارتبط المؤسس الفعلي للميليشيا الطائفية حسين ابن الأب الروحي للجماعة بدر الدين الحوثي بطهران منذ بدء تجربته السياسية بتكوين حزب «الحق» في مطلع التسعينات، وتشير مصادر يمنية إلى أن الابن الطموح رافق والده في رحلات «علمية» إلى إيران ولبنان.

ووفقاً لشبكة طلاب اليمن في الحوزات الدينية -الموالي للحوثيين-، فإن حسين الحوثي مكث في إيران برفقة والده لنحو خمسة أعوام لتلقي العلوم «الدينية»، كما لا تخفي الشبكة تأثر الحوثي الأب والابن بـ«الثورة الإسلامية» وفكر الخميني.


وبدأ النفوذ الإيراني يتمدد في صعدة عبر بدر الدين الحوثي وأبنائه، حتى أن أحد البارزين من رجال الدين في صعدة صلاح أحمد فليتة أنشأ عام 1986 مدرسة دينية تحت مسمى «اتحاد الشباب» وكان من ضمن مقررات المدرسة مادة عن الثورة الإيرانية درسها محمد بن بدر الدين الحوثي، في المقابل ترى مصادر زيدية أن نواة الظهور الحوثي بدأت مع تأسيس منتدى الشباب المؤمن على يد محمد عزان (الذي خرج على الميليشيا وانتقد خطابها عام 2007، كونها خرجت من المؤسسة التربوية إلى التجنيد العسكري لأغراض سياسية) وبدر الدين الحوثي وصلاح فليتة.

وبدأ الزحف الخميني يتسلل إلى الشمال اليمني المعروف بزيديته رغم تباين مدارسها، بيد أن نشاط الإسلام السياسي جعل من «الزيود» المتطلعين لأدوار سياسية يرون في «ثورة الخميني» نموذجاً مخلّصاً وإعادة لحكم «آل البيت النبوي» في صعدة، ورغم تكثيف النشاطات الثقافية والتعليمية، إلا أن التحرك السياسي للحوثيين بدأ في مطلع التسعينات، عندما عزم حسين بدر الدين الحوثي بدعم من والده وصلاح فليتة على تأسيس حزب «الحق» النواة السياسية لميليشيا «أنصار الله» لاحقاً، بيد أن الحزب كان ظهوره متواضعاً رغم «كاريزمية» حسين الحوثي بالنسبة لأبناء صعدة.

انصرف حسين الحوثي من العمل السياسي وتفرغ لإنشاء تنظيمه المسلح، بعد أربعة أعوام من تأسيس حزب الحق، اقتنع فيها تأثيره في الأروقة السياسية عبر منصات الأحزاب، حتى اتهمته الحكومة اليمنية بتأسيس تنظيم مسلح يعمل في الخفاء في جبال صعدة «شديدة الوعورة».

وفي يونيو 2004، انطلقت أولى المواجهات بين الحوثي والحكومة اليمنية التي أثبتت أنها محقة في مخاوفها من نشاط «الحوثي الابن»، وأضحى حسين بدر الدين يقود ميليشيا مسلحة تقارع الحكومة اليمنية المتهمة أصلاً بالتواطؤ مع الحركة في بداياتها (يعتقد سياسيون يمنيون غض طرف حكومة صنعاء عن نشاطات الحوثي لوقف تنامي المد السلفي في صعدة الذي قاده طلبة الشيخ مقبل الوادعي)، واحتدم الصراع بين الحوثي والحكومة اليمنية وبدأت الحرب التي امتدت إلى خمس حروب بين المتمردين الحوثيين والحكومة، وقتل حسين الحوثي فيها.

واتهمت الحكومة اليمنية إيران بدعم وتسليح الحوثي، بعد أن وجدت مستوى تسليح الميليشيا في مواجهتها الأولى أكبر من «المستوى التقليدي» المنتشر في اليمن، كما اعترف الأمين العام السابق لتنظيم «الشباب المؤمن» محمد عزان في 2007 بمشاركة مقاتلين شيعة من العراق ولبنان في صفوف ميليشيا الحوثي، كما لم ينف الدعم الإيراني للجماعة عبر المال والسلاح، وعزز اتهامات الحكومة اليمنية ضبط سلطات السواحل لسفينة إيرانية محملة بالأسلحة كانت في طريقها إلى الحوثيين عام 2009.

ومع دخول الحوثيين العاصمة صنعاء بمساندة «عدو الأمس حليف اليوم» علي عبدالله صالح، تمكنت الميليشيا من مضاعفة قوتها العسكرية، كما أن الدعم الإيراني بالصواريخ والخبراء الإيرانيين ولبنانيين «حزب الله» لم يتوقف، ما جعل الحوثيين «ذخيرة الموت» الإيرانية في اليمن الذي لم يسعد بـ«تمرد الميليشيا» وخيانة صالح.