-A +A
سعيد السريحي
لا أعتقد أن جيلا حظي بخيبة أمل في مستقبل العالم العربي مثل الجيل الذي أنتمي إليه، عاش الجيل الذي سبقنا تحرر العالم العربي من الاستعمار وتبلور مفهوم الدولة الوطنية وبقيت دولة عربية واحدة محتلة فقط هي فلسطين، ولذلك ودعوا الحياة وهم مطمئنون أن (الغضب الساطع آت) وأن أجراس العودة سوف تقرع بين ليلة وضحاها، أما الجيل الذي لحق بنا فهو جيل لم تترك له الأوضاع العربية مجالا كي يحلم ويتوهم، ولذلك لم يكن له أمل فيخيب ولم ينتظر انتصارات عربية كي تصدمه الانكسارات العربية.

جيلنا وحده عاش النقيضين، آمالا تطاول عنان السماء، وخيبات لا تكفي قبور الأرض كي تواري سوءاتها، ورثنا عن آبائنا دولة عربية واحدة محتلة وورثنا عنهم الأمل بتحريرها وانتهينا إلى عواصم عربية تديرها دول غير عربية لا تملك قوة ولا تقدم ولا حضارة المستعمرين القدماء، عشنا على أمل أن نرى اللاجئين الفلسطينيين يعودون إلى ديارهم وانتهينا إلى شعوب عربية أخرى تخرج لاجئة إلى أرض الله الواسعة لعلهم يجدون بلدا يحفظ لهم حياتهم وكرامتهم، شاركنا آباءنا التحرر من الاستعمار وانتهينا إلى زمن صارت فيه دول عربية تستدعي قوات ذلك الاستعمار كي تحميها من شعوبها وتؤمن لسادتها البقاء في سدة الحكم.


عشنا صدر حياتنا نحصي عدد الكتب التي تصدر في بغداد والمسرحيات التي تعرض في بيروت والندوات التي تعقد في دمشق وبتنا نحصي عدد قتلى التفجيرات في بغداد والمسرح الهزلي الذي يلعب فيه الحزب دور الدولة في لبنان والندوات التي تعقد في أرجاء العالم لمعالجة وضع المهاجرين من دمشق.

هل بقي لنا بعد ذلك من أمل في هذا العالم العربي؟ وهل بقي في أعمارنا من أمل يتسع لتعمير ما تدمر من آمالنا ومن هذا العالم العربي؟ لا أعتقد.