-A +A
عبده خال
منذ أن ظهر الداعية عمرو خالد قلت إن الرجل يحمل طريقة لترقيق القلوب من خلال المسكنة وإظهار الضعف السلبي، وهما خصلتان أجادهما لجذب الجمهور ونجح (مرحليا) كطريقة جديدة في الدعوة فتحلق الناس حول الشاشة لمشاهدته ولأنه ممثل بارع اجتاز عقول الكثيرين وإقناعهم بأنه رجل المرحلة وأنه لا يريد علوا في الأرض ولا مالا، وأن دعوته متطورة عصرية لاستعادة الخراف الضالة (وفق التعبير الكنسي).. وكعادة تجار الدين يسلكون طرقا تجارية ملتوية وإن بدأت طبيعية فيتم التفاف الناس حول هذا الداعية، وبين يوم وليلة يصبح هذا الداعية أو ذاك وكأنه نبى منزل لا يأتيه الباطل مطلقا أو كأنه أحد الصحابة الذين جاؤوا إلى زمننا نجدةً لإظهار الفاسد الفاسق المنافق، فأشعلوا البلد تقسيما وتصنيفا، وسعوا إلى ترسيخ قناعة لدى الناس بأن عملهم قائم على هداية الناس من الضلال، بينما ما كان يحدث خلف الصورة هو ضخ ملايين الريالات لهؤلاء الدعاة بنوايا خيرية تدعم أنشطة مختلفة تصب فيها ملايين الريالات ولأن القاعدة لا تجرم أخذ هذه الأموال فأفتوا أنه لا ضير من أن يذوق طباخ السم طبخته، فتسممت الذمم وسمموا حياتنا وتفرغوا لجمع الملايين لتعبئة خزائنهم (وهنا اتحدى أي قارئ أن يشير لي أن داعية من الدعاة المشهورين يشكو الحاجة.. هذا إذ لم تصبنا الصدمة العظيمة من امتلاء أرصدتهم بما يكفى أحفاد أحفادهم).

ولأن لهم (تجار الدين) في كل مكان زفة أجد نفسي أتكلم اليوم عن عمنا عمرو خالد الذي تورط مع الإخوان وبفطنته ودهائه استشعر أن مركب الإخوان سيغرق فقفز إلى الماء وأخذ يسبح للشاطئ الآمن.. ولايزال يسبح كي لا نطلق عليه تهمة الإرهابي الإخواني العتيد.


ولكون الواعظ عمرو خالد هو أحد الممثلين البارعين في الوعظ قد وجد في الوعظ رزقا يصب عليه الأموال صبا من خلال خطبه الوعظية التي تحولت إلى ماركة مسجلة تجنح إلى التباكى والاستبكاء الغثيث لجأ إليه لكي يكون خطابه الوعظي مؤثرا ليس في الناس فقط وإنما عند أصحاب القنوات، وإذا كان له قناة فمن أجل المشاهدين وأعدادهم التي تجلب المعلنين، ولأن أدوات التواصل الاجتماعي وسيلة إعلامية إعلانية تحوّل الوعاظ الباحثون عما تدر عليهم ألسنتهم من غلة، تحولوا إلى جامعي المريدين ومشتري الأتباع من أجل أن يكتسب كل منهم القوة الإعلانية.. كما تحولت جل العبادات إلى أوكازيون تباع فيه كل موعظة مع تسعيرتها!

فتم استغلال كل أفعال الخير وتصويرها وبثها للمشاهدين أن فلانا يتعبّد الله بهذا الفعل أو ذاك.

والفنان عمرو خالد بث مشهدا (لينشر لدى متابعيه)، وكان المشهد يدعو للرثاء ويؤكد أن دعوة البكاء والتباكي لم تعد وسيلة إقناع أو جذب، فالواعظ عمرو خالد استدبر القبلة وتوجه للكاميرا بخضوع مفتعل وأخذ يتباكى ويدعو الله ويصر على متابعيه بإلحاح في الدعاء بينما واقع حال عمنا عمرو إصراره في بث رسالة غير مقنعة وغير صادقة (على الأقل من خلال تعبيرات وجهه المكشوفة) وقد فات على هذا الداعية (البائع المشتري بآيات الله) أن من شروط إجابة الدعاء استقبال القبلة.. ولأنها تجارة فلا ضير من استقبال أي شيء يدر المال والجاه والسلطة حتى ولو كانت كاميرا.. نسيت القبلة!