-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
بفضل من الله وتوفيقه توفرت كافة أسباب النجاح لموسم الحج بهذا المستوى والراحة للحجاج، نسأل الله لهم القبول والذنب المغفور، والجزاء الحسن والسداد دائما لهذه الجهود المخلصة الكبيرة من قطاعات وأجهزة الدولة الأمنية والمدنية والجهات الأهلية بإشراف مباشر من القيادة حفظها الله.

وسط هذه الجهود الكبيرة، أود الحديث عن التطوع في خدمة حشود الحج، وفي مقدمة ذلك الكشافة بخبراتها لأكثر من نصف قرن، وما يبذلونه لخدمة الحجاج في اتجاهات سيرهم، وإرشاد التائهين ومعاونة كبار السن والمرضى وسقيا الحجيج ومراقبة الباعة غير المصرح لهم، وغير ذلك من مهام كثيرة يؤدونها بروح التطوع وقيمه النبيلة.


إن التطوع فضيلة عظيمة حث عليها ديننا الحنيف بتعظيم أجرها، وخدمة ضيوف الرحمن في مثل هذا الموسم الجليل، إنما في جوهرها تقوم على هذه الروح، خاصة مع حشود تفوق المليوني حاج، في نطاق جغرافي واحد وزمن معلوم وتنقلهم في أكثر من مشعر وأكثر من نسك. وهذه الأعمال الجليلة في موسم الحج عنوانها الإخلاص والتفاني، بل بشعور من السعادة الفريدة المحفزة في دواخل المتطوعين بالبذل جهدا ووقتا في خدمة الحجاج وإيثارهم الجهد على الراحة والدعة.

أيضا تتسع ساحة العمل التطوعي من خلال البذل الخيري من الذين يقدمون لضيوف الرحمن كميات وحمولات من الوجبات ومياه وعصيرات وفاكهة شتى وغيرها كثير ابتغاء وجه الله تعالى الكريم، وهذا يعيدنا للصورة الناصعة خلال شهر رمضان خاصة في الحرمين الشريفين بإفطار ملايين الصائمين يوميا، وفي مثل هذه المشاهد من البذل، لا أحد يسأل: من أين هذا، ولا من ذا الذي قدم، بل الدعاء بأن يجزي الله خيرا هذه البلاد وأهلها.

تحية لشباب الكشافة وقادتها، فما أجمله من جهد يقدمونه عبر منظومة دقيقة، لها ضوابطها وقواعدها ومقاصدها ورسالتها النبيلة، وأداء المهام في ميادين كثيرة بحب وسعادة ونظام وأخلاق عالية، إنه خير يحملونه بين جوانحهم وقد تشربوه في دوراتهم ومعسكراتهم التربوية والتأهيلية، وما تعلموه وتعايشوه فيها من اعتماد على النفس في حياتهم، وهي فضيلة يحتاجها المجتمع وكل مجتمع كثقافة حياتية.

من لا يعرف روح التطوع يحرم نفسه خيرا كثيرا وخاصة الشباب، والمجتمعات التي تغذي في أفرادها هذه الروح الإيجابية، تكون أكثر تماسكا وتكافلا وفاعلية، والتطوع الإيجابي تتدفق مآثره كشلال الحب في خدمة المجتمع والوطن، فكيف عندما يكون في خدمة ضيوف الرحمن التي هي في صدارة أولويات المملكة، قال صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

ما أجمل هذا التداعي لروح التطوع في الحج، عندما يؤدون مهامهم في كل موقع بالمسارعة إلى المريض والمسن والعطشى وتائهين تتشابه عليهم المواقع ووسط ملايين.. وهذه المنظومة من الشباب والأشبال وقادتهم كخلايا النحل بذلا وتفانيا وابتسامة على محياهم، نعم ما أنبل هذه الروح في رسالة الجمعية السعودية للكشافة، وتميزها بالداخل ومشاركاتها بالخارج، وتطور وسائلها في رسالة رائعة ضمن منظومة هذا الوطن الغالي علينا وعلى أمتنا.

ثقافة التطوع نحتاجها في هذا الزمن العولمي المادي، فهي تضيء نفس صاحبها أولا بالخير ليصل حبا للآخرين، لذا يستحقون كل التقدير، ولكل جهد مخلص في هذا الموسم العظيم. كل عام والجميع بخير.